كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

- 1 -
ليس حسنا أن يعزل كاتب قلمه! ولكن هكذا قدر الله على أن أفعل، فنحيته عن أناملى لكى أفرغ للقراءة والتفكير حتى تصرم على ذلك أكثر من ثلاث عشرة سنة فلما عدت اليه أحمله ثقل محمله، وقد صدئ سنه، ورسف في قيود الاهمال خطوه، واذا هوة سحيقة القرار قد انخسفت بينى وبينه كهوة بين حبيبين تمادى بينهما جفاء مستحدث من ملال ولكن على ذلك كله اليوم مرغم مرغم على حمله ومرغم على استحياء ما كان بينى وبينه من حب متصرم ومرغم على أن يكون اعتذارى اليه صادقا مهما تكبدت في سبيل ذلك من مشقة وعنت ويشاء الله الذى قدر وقضى أن يكون الرجل الذى جعلت كلامه حجتى على من لامنى يوم عزمت على تعطيل هذا القلم هو نفسه الرجل الذى أحمل القلم من أجله وخبر ذلك أنى كنت أقول يومئذ لمن يلومنى:
اذا كان علم الناس ليس بنافع ... ولا دافع فالخسر للعلماء
قضى الله فينا بالذى هو كائن ... فتم وضاعت حكمة الحكماء
يقوله شيخ المعرة أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى رحمة الله عليه.
فمنذ أسابيع نشرت صحيفة الأهرام مقالة ضافية تبشر بجديد في رسالة شيخ المعرة المعروفة برسالة الغفران كاتب هذه المقالة هو الدكتور لويس عوض فاذا به يحملنى إلى ماض سحيق البعد مكفوف بالظلمات فهو يريد أن يجلوه لعينى مشرقا مسرفا في الاشراق ثم تتابع ذلك من فعله حتى انتهى منذ أسبوعين أو ثلاثة إلى الكلام في صميم رسالة الغفران وان كان هو قد اثر أن يسمى فعله هذا: "على هامش الغفران شئ من التاريخ"، فقال بعد مقدمة قصيرة:

الصفحة 17