كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

ولعل أسلم منهج في الانتقال إلى المعرى والحديث عن رسالة الغفران هو ان نبدأ بعرض الخلفية التاريخية لهذا العمل العظيم فنوضح طبيعة العصر الذى كان يعيش فيه المعري فتتضح بذلك أهم مشاكله وأهم معتقداته ومحاور الصراع المادي والفكري فيه عسى أن يلقي كل ذلك ضوءا على مرامي المعري وغاياته من رسالة الغفران وعسى أن نجد بعض المفاتيح التي تساعدنا على معرفة موقف هذا الرجل العظيم كما تجلت في أدبه من أفكار عصره ومن أحداثه ومن رجالاته ومن أحواله بوجه عام.
وهذا كلام حسن جدا ليس فيه ما يعاب وليس بمستنكر صدوره عن الدكتور لويس عوض لأنه كان أولا طالبا قديمًا لآداب اللغة الإنجليزية درسها حتى نال فيما أظن إجازة الليسانس ثم الماجستير ثم الدكتوراه ومعنى ذلك أنه بلا شك يحسن أن يقيم الدراسة على المنهج ولأنه ثانيا ولابد كان فيما أظن أيضا معيدا بالجامعة ثم مدرسا ثم أستاذ يتولى مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه والإشراف على أصحابها قبل ذلك ولأنه ثالثا خرج على الناس كاتبا فمارس الكتابة زمنا فهو خليق أن يعالج دراسة رسالة الغفران على منهج محكم الأصول وبأسلوب يرضى عنه أستاذ الجامعة ولا يجفو على قارئ الصحيفة ممن لم يقدر له أن يتحمل دراسة الآداب على المنهج.
هكذا كان ظني وإن كان ما أعرفه من قراءة كتب الدكتور لويس عوض ومقالاته وغيرها قد يخملني على الشك على قدرته على تحقيق هذا الظن فما كدت أفرغ من مقاله الذي افتتحه بذكر منهجه هذا ثم مقاله الذي يتلوه بعنوان كلمة عن ابن القارح الأهرام يوم الجمعة 9 رجب 1384/ 13 نوفمبر سنة 1964 حتى عجبت وتخوفت إذا كانت كلمة المنهج لم تزل محفوفة بكل هذا القدر العجيب من الغموض والظلمة في عيني الدكتور لويس عوض أستاذ الأدب الإنجليزي وهو من هو فهي بلا ريب في أعين سائر الناس أشد غموضا وإبهاما وعندذ عجبت ثم إن الدكتور لويس عوض أستاذ قديم يقتدي به في دراسة الآداب فيما أرجح فمن هنا تخوفت على مصير دراسة الآداب مع كثرة

الصفحة 18