ما يخف بهذه الدراسة من المخاوف من جزاء ما استشرى أمره من ابحاث تنشر في الصحف والمجلات والكتب أيضا.
وعادت بي الذكرى إلى ماض بعيد إذا كنت طالبا في كلية الآداب بجامعة القاهرة منذ نحو تسع وثلاثين سنة يوم وقع الصراع بيني وبين أستاذنا الكبير الدكتور طه حسين، على مفهوم كلمة المنهج وعلى الأدوات التي يمارس بها هذا المنهج.
ثم ظل هذا الصراع قائما على أشده في نفسي منذ فارقت الجامعة حتى أخرجت كتابي عن المتنبي في يناير سنة 1936 ثم أخرج أستاذنا بعد ذلك بعام أو أكثر كتابه مع المتنبي فكتبت يومئذ مقالات طوالا مع الأسف في نقد كتاب الدكتور طه حسين زادتني معالجة نقده يقينا على يقين في أن الغموض إذا أحاط بلفظ المنهج أدى إلى خلط كثير في فهم الآداب وفي تفسيرها وفي شرحها ثم في تصوير أحداث العصر وأفكاره ورجالاته وأحواله بوجه عام كما يقول الدكتور لويس عوض واليوم وبعد هذا الدهر المتطأول أجد هذا اللفظ قد ازداد إبهاما وغموضا وازداد تطبيق ما يقتضيه تخليطا على يد الدكتور لويس عوض.
فمن أجل ذلك أجدني مضطرا لالتماس معذرة القارئ المتعجل لأني إنما أخاطب بهذه الكلمة أستاذا جامعيا أو هذا هو المفروض وإن كان ما كتبه لا يحمل طابع الأستاذية بل طابع المقالة الصحفية إذا كان من المفروض أيضا أن المقالة الصحفية لا تزال إلى اليوم قائمة على الاستشارة المبهمة عند بعض الناس وكنت أتوهم أن هذا أسلوب قد انقضى عهده وباد أهله أو كان هذا هو المفروض عندي أنا على الأقل.
ولفظ المنهج يحتاج مني هنا إلى بعض الإبانة وإن كنت لا أريد به الآن ما اصطلح عليه المتكلمون في مثل هذا الشضأن بل أريد به ما قبل المنهج أي الأساس الذي لا يقوم المنهج إلا عليه فهذا الذي سميته هنا منهجا ينقسم إلى شطرين شطر في تنأول المادة وشطر في معالجة التطبيق ويؤسفني أن أكتب هذا في مخاطبة أستاذ جامعي.