مخالف له أو مناقض وذلك لأن تراث كل لغة من اللغات وإن كان وحدة لا تكاد تتجزأ إلا أن اختلاف الأزمنة والأمكنة يمنح كل نص وسما بائنا من سواه ويفيض عليه لونا متفردا من غيره فهذا أمر كما ترى شديد المراس لمن لم يملك ناصيته فلا يهجم عليه بلا أداة وبلا رؤية وبلا استعداد وبلا فهم إلا كل من ظن في نفسه الظنون إما جهلا وإما رعونة.
وليت الأمر في دراسة الآداب يقف بنا عند هذا الحد فإنه لأهول من ذلك في كل زمان ومكان وفي كل لغة ذات بيان أنه لأمر مفروغ منه أمر ارتباط الآداب بتاريخ الأمة وعاداتها وأخلاقها ودياناتها وما شئت من شيء تعد به الأمة ذات كيان قائم متميز فدارس الآداب إذا لم يكن مطيقا لذلك كله بصيرا به حسن التصرف في جليله ودقيقه جيد الفهم لغوامضه ومبهماته فهو حرى أن يشوه الصورة عند تركيبها تشويها فيه من الشناعة ما يجعل دراسته مثله بمن يدرسه كما يمثل المحارب المحترق بجثة عدوه وقد أطارت لبه حدة العداوة والحقد وإتقان دراسة هذه المادة كلها تعد دراسة أدبية محضة فلا يستطيع دارس أن يقول للناس إنها ليست من صميم اختصاصي فإذا قالها فذلك إيذان منه بأنه فقد التمييز وجهل أساس كل منهج واستحق أن يطرح الناس ما يقوله إذا هو لم يجد عند نفسه القدرة على أن يستحي فيستر ما يكتب ويغيبه في التراب من أعين الناس.
وظني أن هذا الذي قلته عن المنهج كاف في تمثل التبعة التي يتحملها دارس الآداب وفي إدارك التبعة التي يحملها القارئ حين يعرض عليه دارس ما درس فالأمر من أي نواحيه أخذته إذن جد لا هزل فيه وما دام الدكتور لويس عوض قد تخير لنا أسلم منهج في دراسة رسالة الغفران فقد رأيته حسنا أن أبدأ بالنظر في منهجه لا من حيث أراد هو أن يبدأ بل من حيث انتهى به الحديث في مقاله كلمة عن ابن القارح لأني وجدت الدكتور لويس عوض قد أخفى عنا مادة الدراسة وهو شيخ المعرة نفسه على امتداد خمس مقالات طوال فلم يذكرها إلا في ختام الخامسة منهن وشيخ المعرة هو مادة الدراسة، لأنه