كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

يذكر هذه القصة وكذلك لم يذكرها ابن فضل الله العمرى وهو معاصر لهما ولكن يأتى الصفدى وهو معاصر لهما فيذكرها باختصار أشد يقول في كتابه الوافى بالوفيات وكتابه نكت الهميات (ص 103):
"وكان رحل أولا إلى طرابلس وكانت بها خزائن كتب موقوفة فأخذ منها ما أخذ من العلم واجتاز باللاذقية ونزل ديرا كان به راهب له علم بأقوال الفلاسفة سمع كلامه فحصل له بذلك شكوك"، فاختصر كلام الذهبى كما هو واضح ونقل عنه بلا ريب.
ويجئ اليافعى وهو معاصر لهم فلا يذكر شيئا ويذكره معاصر لهم اخر هو ابن كثير فيسوق العبارة هكذا:
"ويقال انه اجتمع براهب في بعض الصوامع في مجيئه من بعض السواحل أواه الليل عنده فشككه في دين الاسلام"
فجاء بلفظ اخر مخالف وأغفل ذكر علم الراهب بأقوال الفلاسفة وجعل نزوله بالراهب ليلة واحدة وذكر ذلك كله بلفظ التمريض والارتياب "ويقال"؟
وينقضى الزمن منذ ابن كثير المتوفى سنة 774 حتى يأتى ابن الشحنة وابن حجر فلا يذكران شيئا الا العينى وهو معاصر لهما فينقل ما قاله ابن كثير بلفظه أي إلى سنة 855 ه ثم يغفله ابن تغرى بردى ويذكره السيوطى المتوفى سنة 911 هـ نقلا عن الصفدى ثم عبد الرحيم العباسى توفى 963 ه فيردد كلام الصفدى ثم يغفله ابن العماد الحنيلى 1089 هـ ولا يذكره الايذكره الا العباسى الموسوى "المتوفى في القرن الثانى عشر".
وبيّنٌ جدا من هذا السياق المختصر لتسلسل القصة التاريخى أنه لم يذكره ممن ترجم لأبى العلاء سوى تسعة من ثمانية وعشرين وأنه قد انقضى ما بين الثعالبى إلى ابن الجوزى أي إلى سنة 597 هـ ما بين معاصرين لشيخ المعرة وغير معاصرين وإلى ما بعد وفاة أبى العلاء بأكثر من مئة وخمسين سنة والخبر غير معروف مع اغراق بعض هؤلاء في النيل من شيخ المعرة ودينه.

الصفحة 30