حتى إذا جاء القفطى (568 - 646 هـ) انفرد وحده برواية الخبر بلا اسناد إلى أحد وفيه علل قادحة في صدقه سأبينها فيها بعد هذه المقالة ومن أشد ما يشكك فيها بعد ذلك فيها بعد ذلك أن ابن العديم المعاصر للقفطى المصرى 588 - 660 هـ وهو مؤرخ شامى مستوعب لأخبار الشأم وأهله يؤلف كتابا في دفع الظلم والتجرى عن أبى العلاء المعرى ويحشد فيه كل قدح قيل في الرجل أشد من هذا الخبر فلا يكون له علم به ولا معرفة.
فبأى وجه بعد ذلك يأتى أستاذ جامعى يتبجح بذكر الأسماء ويحشدها من كل أوب وصوب ليوهم أنه قد قرأ ودرس واستوعب ومحص واستخلص فيعمد إلى خبر انفرد بروايته القفطى والثمانية الباقون نقلوا عنه نقلا مع بعض التصرف واذن فهو خبر غريب لا يسلم فيأتى هو بالخبر ملقى على ما يوجب التسليم به وهو مع كل ذلك منقول من كتاب محدث الفه صاحبه منذ أكثر من خمسين سنة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره وقبل أن تطبع الكتب التي ذكرناها انفا فلم يطلع على شئ منها ومع كل ذلك أيضا فهو ينقله باختصار موهم مفسد لأن صاحب ذكرى أبى العلاء يقول:
"قال القفطى والذهبى فمر في طريقه بالاذقية فنزل بدير فيها ولقى بهذا الدير راهبا قد درس الفلسفة وعلوم الأوائل فأخذ عنه ما شككه في دينه وفي غيره من الديانات قال ونم عليه بذلك شعر الصبا ثم استغفر وتاب والتمس لكلامه وجوها من التأويل قبلت منه ولكنهما لم يرويا شيئا من هذا الشعر". هذا نص كلامه، وواضح أنه لا القفطى ولا الذهبى قال ذلك، بل وصف القفطى الراهب بما يشعر بأنه شاد مبتدى يتخطف نبذا من علوم الأوائل أي من مبادئ أقوال الفلاسفة وأنه لا درس ولا فقه ولا علم كما قال الدكتور طه حين غير لفظ القفطى ولفظ الذهبى إلى لفظ هو وهذا أمر غير حسن لا أظن الدكتور طه يرضى عنه اليوم لعلمى بما هو عليه من حبِّ الأَوْبة إلى مقالة الحقّ.
أما فعل الدكتور لويس عوض فليس فعل دارس جامعى لأنه نقل صدر كلام الدكتور طه فقال: "ولقى بهذا الدير راهبا قد درس الفلسفة وعلوم الأوائل"،