جماهير الناس بسلطان الكلمة المكتوبه أو الكلمة المسموعه فقد صار واجبا على من لم يطمس الله على بصيرته وعلى من لم يقذف الله في عينيه بالعمى وعلى من لم يسلب الله لسانه العقل ليبتليه بالثرثرة ان يفض عن نفسه اغلال الصمت لكى يتكلم ويكتب ويبين ما وجد إلى ذلك سبيلا وقد رايت ذلك واجبا على لانى عشت اكثر من اربعين سنة وانا اجاهد هذه الحياة التي احاطت بى منذ في قطيع يساق إلى المجزرة وهو فرح بها نشوان رايت مجتمعا يتمزق وهو ينشق عن كل تاريخه الماضى بخطاطيف قد غلقت بلحمه تجذبه من هنا وهنا وهناك لا تكاد تدركها الابصار ولكنها على ذلك خطاطيف كنت أجد مغرزها في لحمى واحس جذبها في وجدانى ويومئذ فزعت فزعت فزعا لا يطيق القلم ان يصوره في اسطر.
رأيت يومئذ دنلوب المبشر الخبيث الذى تولى قبل مولدى وزارة المعارف فوضع لامتى تخطيطا كاملا يهدم كيانها ويذيب وجودها ويتركها رمه تتحرك في ثياب زاهيه من الغرور والسخف رايت يومئذ هذا الشيطان الماكر ممثلا في كل علم تعلمته وفي الأسلوب الذى فرض على ان اتعلم به هذا العلم وفي الهدف الذى يرمى اليه بانشاء جيل من المثقفين لا يملكون شيئا سوى الغرور بانهم مثقفون في امه من الغوغاء يخيل اليهم انهم هم أصحاب الحق في التعبير عنها وهم أصحاب الحق في تعليمها وهم أصحاب الحق في قيادتها والتحكم في مصيرها فما راه خطا فهو الخطا الذى ينبغى ان يصحح وما راه باطلا فهو الباطل الذى ينبغى ان يزول!
ويوم بدأت اعقل كان جيل دنلوب قد انتشر واستوى على سوقه وتولى هذا الجيل تعليمنا وصار له رأى ظاهر في سياسه بلادنا وانفجر الامر انفجارا بعد ثورة سنة 1919 ووقع النزاع بين الفطرة السليمة التي تستكن في قلوب الشعوب وبين الثقافة المجتلبة التي تضرب على الاعين غشاوة وعلى القلوب سدا صفيقا