كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

وأما "الملك ميداس"، (1) فانى كنت قد تركت حل رمزه الا اشارة عابرة ولكنى قد حللتُ رموز آكل الرموز أجاكس عوض فمن غير المستحسن ان أدع للناس تفسيرها وذلك ان ميداس كان ملك فريجيا فخرج يوما فلقى إلاها (!!) يقال له "سيلين"، وجده نائما فلما استيقظ سأله ان يعلمه الحكمة فذكر له سيلين أمر مدينتين احداهما يقال لها أوسيبس وهى مدينة مسالمة تقية والأخرى يقال لها ماخيموس وهى مدينة محاربة جبارة كان أهل المدينة الأولى سعداء فاذا جاءهم الموت جاءهم بين ألحان الغناء ورنات الضحك أما الأخرى فكان الوليد منهم يولد مدججا بالسلاح وتسيل أرواحهم على ظبات السيوف وكان شعب أوسيبس وشعب ماخيوس يمدان سلطاتهما على ممالك واسعة متراحبة الاطراف وكان لهما غنى لا مثيل له وارضهما تفيض ذهبا وفضة حتى صار هذان المعدنان من وفرتهما بمنزلة الحديد عند سائر الأمم وخرج أهل المدينتين يوما ليرؤا طائفة من البشر يعدون أسعد من على الأرض من الفانين فلما جاءهم رأوا بؤسا مهلكا يعده أهلة سعادة فانقلبوا راجعين إلى ارضهم وعلموا انهم بما هم فيه من الذهب والفضة أسعد أهل هذه الدنيا فلما سمع ميداس ذلك أحب أن يكون له سعادة أوسيبس وماخيموس نصيب فسأل سيلين أن يسدى اليه يدا ويتخذ عنده صنعية فلا يمد يده إلى شئ الا انقلب عشجدا اى ذهبا فلما كان ذلك له لقى العنت فانه لم يمس طعاما ولا شرابا الا صار عسجدا حتى بلغ من الجوع والعطش وكاد يهلك ولم ينقذه الا ان استرد سيلين ما وهبه.
وتتمة خبر ميداس أنه خرج بعد ذلك فضل في الغابات حتى وجد نفسه على جبل واله هذا الجبل يقضى بين بان وأبولون في نزاع كان بينهما فقضى اله الجبل لالبون دون بان فثار ميداس لأنه رأى هذا القضاء غبنا فاحشا وجورا واعلن ان هذا حكم جائر فجن جنون أبولون ومسخ أذنَى "ميداس"
__________
(1) قد فسرت آنفا من أراد بالملك "ميداس"، انظر ص: 343، تعليق رقم: 1.

الصفحة 361