فيسأل السائل نفسه ألم يسمع ياقوت هذا الخبر من القفطى مع مراجعته ومذاكرته له في شأن شيخ المعرة ألم يقرأه في كتاب انباه الرواة وقد ذكره في ترجمة القفطى فاذا كان قد سمعه أو قرأه فلم أغفله ولم يذكره ألانه أراد أن يدفع عن شيخ المعرة معرة هذا الخبر أي عاره وشناره وقبحه أم لأنه سأل القفطى عن مخرج الخبر فاستسقطه وعده قمامة نقممها من سقاط الناس أي أراذلهم وحمقاهم والقمامة الكناسة فطرحه لخبث مخرجه ثم أنف أن يذكره في كتابه ويرد عليه اجلالا للقفطى هذه أسئلة يجب على الجامعى المبتدئ أن يحضرها بين يديه ناهيك بأستاذ جامعى زعلموا
ولكي يجد الجواب عنها ينبغى أن يعرف من ياقوت هذا الذى ترجم لشيخ المعرة فأغفل هذا الخبر ولا يشك قارئ شاد عرف كتب الرجل أنه كان جماعا للأخبار حريصا عليها متتبعا لها بالحاح لا يمل من الكتب والصحف والأوراق وأفواه الرجال وكان مع ذلك نقادا بصيرا وسأضرب لك مثلا على نقده وبصره من ترجمة شيخ المعرة نفسه فانه أخبرنا أنه قرأ خبرا في كتاب فلك المعانى لابن الهبارية 0000 - 509 هـ فيه بيتان نسبهما لشيخ المعرة ووصفه بعدهما بأنه متحذلق عريض الدعوى طويلها وأنهما من كلام مجنون معتوه ثم زعم ابن الهبارية أن الله سلط على شيخ المعرة أبا نصر هبة الله بن موسى ابن أبى عمران داعى الدعاة الفاطمى فجرت بين الرجلين مكاتبات ثم أمر داعى الدعاة باحضار الشيخ إلى حلب فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سم نفسه ومات قال ياقوت بعد ذلك فلما وقفت على هذه القصة اشتهيت أن أقف على صورة ما دار بينهما على وجهه حتى ظفرت بمجلد لطيف وفيه عدة رسائل من ابى نصر إلى المعرى انقطع الخطاب بينهما إلى المساكتة ولم يذكر فيها ما يدل على ما ذهب اليه ابن الهبارية من سم المعرى نفسه ونقلهاعلى الوجه يطول فلخصت منها الغرض دون تفاصح المعرى وتشدقه ثم ذكر قدرا كبيرا من هذه الرسائل وهى موجودة في معجم الأدباء (وهو مطبوع بالطبع).
ويستطيع أي مبتدى أن يقدر حرص ياقوت على تتبع كل شئ ولا سيما ما خص شيخ المعرة ثم يقدر مقدار ما عنده من الشهوة إلى المعرفة، ثم يقدّر