كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

- 22 -
إنى لأجده حقا على أن أفسر اشياء، انا في نفسى غنى عن تفسيرها لاحد ولكن الكاتب معلق بقارئه فاذا اغفل ان يجعل قراءه على بينة من طريقه كان خليفا ان يصبح فيجد بينه وبينهم سدا مضروبا يعوقهم عن ادراك حقيقة ما يقول أو يتركهم في اختلاف يقطعهم عن النفاذ إلى الغاية التي من اجلها يكتب ما يكتب وكم من كاتب في هذه الأرض على اختلاف السنة اهلها قضى عمرة يستصفى للناس عصارة تجاربه في كلمات ثم خرج من الدنيا وكانة لم يقل شيئا ولم يكتب شيئا ثم يأتى على الناس زمان فيجدونه قد ابرأ ذمته وادى للناس اقصى حقهم عليه ولكنهم ذهلوا عنه وعفوا انفسهم من الاناة على فهم طريقته أو اسلوبه لعلة قائمة في بيانه عن نفسه أو لعلة قائمة في انفسهم حالت بينهم وبين بذل الجهد في متابعته وفي تقصى الوجوه التي يحتملها كلامه فلم ياخذوا عنه الا اهون ما يقول واقرب ما يريد فمن أجل ذلك ومن أجل الأمانة التي اجدنى احملها ومن أجل أهلي وعشيرتى وجدتة حقا على ان افسر شيئا اخشى ان يؤدى تفسيره إلى الاخلال بحق هذه الأمانة.
يوم بدأت أكتب هذه المقالات وانا على مثل اليقين من ان بينى وبين الناس فجوة قد انخسفت واتسعت من سوء التقدير ان اغفلها واسقطها من حسابى لكى اتخفف من عبء كتب على ان احمله فلذلك بدأت حريصا أشد الحرص على ان أسير خطوات خطوة بعد خطوة بلا عجلة أو تسرع واحب ان اجعل كل قارئ على محجة بيضاء لا يشتبه عليه فيها شئ حتى تضيف هذه الفجوه التي بدأت واسعة ثم ضاقت قليلا فوصلت بينى وبين كثير من القراء ولكنها زادت اتساغا بينى وبين الاخرين لاسباب ساذكرها فيما بعد ومن حق هؤلاء على ان امحضهم

الصفحة 387