الكاتب، متعلقا أشد التعلق بنفس الصورة التي يعرفها الناقد عنه افليس من حق الناقد أو ليس من واجبه ان يستخرج من الصورة نوازعها ودوافعها لكى يستطيع الابانة عن حقيقة الهدف الذى من اجله كتب الكاتب ما كتب اظن ان نعم واذا كانت الصورة التي يعرفها الناقد لا تنشا الا مما كتب الكاتب قديمًا وحديثا افليس من حق الناقد أو ليس من واجبه ان يحلل ألفاظ الكاتب واسلوبه وطرائق تفكيره وترابط عباراته وجمله حتى يتمكن من اعطاء صورة كما يراها هو لا كما يراها الناس اليس هذا صحيحا اظن ان نعم.
واذن فتحليل المادة واعادة تكوين الصورة امر لا مفر منه إذا راى الناقد ان للكاتب هدفا فيما كتب ولا سيما إذا كان الكاتب كاتبا يضمن ما يكتب كثيرا من عواطفه وانفعالاته بطريقة واضحة شديدة الوضوح والناقد عندئذ ناقد موضوعى لا يخرجه عن الموضوعية انه مضطر ان يناقش مادة في نفس الوقت الذى يحلل فيه صورة ويعيد تكوين معارفها ومعالمها وياتى التعقيد الذى اشرت اليه من شئ لابد من معرفته.
وذلك ان مناقشة المادة امر مالوف قد طال الامد عليه فالناس ياخذونه ماخذا قريبا لا يثيرهم ولا يصدمهم في شئ اما تحليل الصورة واعادة تكوين معارفها ومعالمها فهو عسير بعض العسر لأنه ربما اثار وربما صدم فانت إذا اردت تحليل صورة شاعر أو كاتب قد خلا وتباعد زمنه عن زمان الناس تلقاه الناس بلا استنكار لما تقول فيه من معروف أو منكر الا ان يكون احدهم له محبا وبه معجبا واليه مائلا فربما اثاره ما تقول فيه أو صدمه بيد ان الامر يختلف اختلافا كبيرا إذا كانت الصورة صور شاعر حى بين الناس أو كاتب فالعلاقات بين الاحياء أشد توترا واقرب إلى سرعة الاهتزاز فالمحب له والمبغض كلاهما سواء فيما يجد من الاثارة فهذا يثيره إلى الاعجاب بك ما تقوله فيه وذاك يثيره إلى الاستنكار عليك ما تاتى به ولكن هذا امر لا مفر منه فالناقد يرتكبه وهو على ثقة أو ينبغى ان يكون على ثقة من انه ملاق من الاعجاب والاستنكار ما هو ضرورة ملازمة للموضوع الذى يتناوله بنقده وتحليله واعاده تكوينه. وهذه بدائهُ فيما