كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

لا لانها معادية للاسلام والعرب بل لشئ اخر غير الذى تتوهم وقد كنت بينت بعض ذلك في مقالاتى ولكنك اغفلت ان تلقى اليه بالا إذا كنت قد قراته أو قراته واغفلت ان تعرف أسبابه.
وبالطبع انا اعلم انك اذكى من ان تخلط بين العلم الذى هو تراث انسانى وان كان ربما زيف المزيفون فادخلوا في مفهوم العلم شيئا ليس منه وبين الثقافة التي يزعم رجل مثل اليوت في تحديده لمعناها ان ثقافة الشعب ودين الشعب مظهران مختلفان لشئ واحد لان الثقافة في جوهرها تجسيد لدين الشعب ويزعم ان السير إلى الايمان الدينى عن طريق الاجتذاب الثقافي ظاهرة طبيعية مقبولة وسواء اصابت اليوت كل الاصابة ام خلط في ادراك هذا المعنى بعض الخلط فان جوهر رايه سليم ظاهر السلامة عند من خالفه في مذهبه ومن وافقه وقد نقلت في مقالاتى عن توينبى وغيرة اقوالا مشابهة لما يقول اليوت لا لانى أحب ان استظهر على صواب رايى باقواله هذه الأعاجم بل لانى ارى بعض الناس اسرع استجابه للاعاجم فاحببت ان اضع طرفا من ذلك بين ايديهم الزاما لهم بالحجة التي يخرون عليها صما وعميانا!
فاذا كان الاخ الأستاذ محمد عودة يعنى بالثقافة في هذا الوضع ما يكثر البحث فيه ويطول اللجاج في معرفة حده ورسمه في لغات هذه الأعاجم وفي لغتنا أيضًا أحيانًا فذاك وان كان باستعمالة لفظ الثقافة ما يستعملة العامة عندنا من قولهم للشباب الذى دخل المدرسة فقضى بضعة اعوام فتعلم القراءة والكتابة وشدا شيئا من العلوم والمعارف هو شاب مثقف فذلك شئ اخر وان كان يعنى بها ما يعنيه ضرب اخر من العامة من قولهم للرجل الذى يقرا بضعة كتب بلغة اجنبية ويكتب أحيانًا مقالات أو كتبا يترجمها من اللسان الذى تعلمه ترجمة رديئة قبيحة فاسدة مثل أجاكس عوض وسلامة موسى واشباهما على اختلاف دلالات الأسماء فذاك شئ ثالث وهلم جرا.
ولكني أحسن الظن بعقل الأستاذ محمد عوده لانى اعرفة معرفة جيدة فمن أجل ذلك عجبت كيف غاب عنه هذا كله وكيف غاب عنه انى بطبيعة

الصفحة 396