أو الاضطراب أو الهوى ثالثا ورابعا وخامسا إلي أعداد كثيرة من البلايا والمصائب بل إن ما عرضت له في المقالة السالفة من الحديث عن النقد الموضوعي واختلاف وجوهه حتى يعرض لك أن تسمي النقد الموضوعي نقدا شخصيا إن هو إلا ضرب آخر من التطبيق لمفهوم هذه القضية الكبرى في اللغة بل إن ما استخرجته من كلمات أجاكس عوض من الدلائل التي تدل على صورته العقلية والنفسية إنما قام على هذا التطبيق نفسه.
***
وقد وجدت أني قد استعملت في المقالة السالفة لفظ الدين وما يقال من أن ثقافة الشعب إن هي إلا تجسيد لدين الشعب ولكني لم أبين شيئا مما يمكن أن يكون زيادة في مفهوم هذه العبارة التي قالها إليوت لأني لم أتعرض لبيان معني الدين نفسه ومعانيه عند أهل الإسلام فلذلك آثرت أن أعرض لمعني الدين لأن أكثر مقالاتي قد دار على ما يمس هذا المعني مسا دانيا أحيانا ومداخلا أحيانا أخري ومع ذلك فأنا لم أنس أن أوضح طرفا من معانيه فيما سلف كالذي جاء في المقالة التاسعة حين عرضت لألفاظ النصارى في ديانتهم (ص 166) وفي المقالة العاشرة حين عرضت لبعض ما قاله توينبي من ذكر اللغة الدينية وظنه أن اللغة العربية لغة دينية وهو باطل شديد الظهور ثم ما قلته في المقالة الرابعة عن معني الدين وفرق ما بيننا وبين سائر أصحاب الديانات في معناه (ص 256).
ولفظ الدين من ألفاظ اللغة التي لها في الذهن صورة جامعة أو ينبغي أن تكون لها صورة جامعة فواجب أن تعرف تمام المعرفة حقيقة معني الدين وما تراكم عليه من المعاني الحادثة المتجددة وأن نحأول محاولة صادقة تؤدي بنا إلي بلوغ كنه الروابط التي تجمع هذه المعاني وتشد قديم معانيه وحديثها بعضها إلي بعض شدا محكما حتى يدل هذا اللفظ على معناه المركب وهو المعني الذي له صورة جامعة في الذهن يدركها عند سماعه.
فالدين على قدر ما بلغنا من اللغة هو في الأصل الحال التي يخضع لها