الإنسان خضوعا طارئا أو مستمرا هكذا قدرته ومن شوارد ما رواه النضر بن شميل أنه سأل أعرابيا عن شئ فقال له لو لقيتني على دين غير هذه لأخبرتك أي على حال أو عهد غير الذي وجدتني واقعا تحت سلطانه
* ثم قيل دان للحكم أي خضع له وذل لأنه دخل تحت حال قاهرة لا يملك الخروج من سلطانها ومنه سميت العادة دينا لأن الخضوع لها أظهر شأنها
* ثم سمي السلطان نفسه دينا لأن الناس يخضعون له ويذلون
* وسميت الطاعة دينا لأن المطيع خاضع
* ثم سمي حساب الناس على أعمالهم ومكافأتهم بها إن خيرا فخير وإن شرا فشر دينا لأنه لا يكون حساب ولا مكافأة ولا جزاء إلا من قاهر على مقهور خاضع
* ثم صار كل ما يلتزمه المرء من عادة يخضع لها أو أسلوب من الفكر أو الحياة لا يفارقه مريدا أو غير مريد دينا وهذه معان مشتركة كما تري يمكن أن يتنأول كل التزام يخضع له البشر أو غيرهم على وجه من وجوه الخضوع غير المريد فهو خليق أن يسمي دينا كالكرم والشجاعة والوفاء بالعهد وسائر ضروب الأخلاق حسنها وقبيحها كل ذلك داخل هذا في معني الدين.
والعرب في جاهليتها قد استعملت لفظ الدين بهذه المعاني المفردة وبالمعني الجامع لبعض هذه المعاني المفردة أو لجميعها وإنما يتبين المراد في كل موضع من ملابسة الألفاظ بعضها لبعض في تركيب الجمل فلما نزل القرآن العظيم جاء لفظ الدين فيه بهذه المعاني على الوجه الذي ألفته العرب في لسانها
* فجاء تارة بمعني الحساب والجزاء كما في قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] وهو يوم جزاء الناس بأعمالهم التي عملوها في دنياهم وحسابهم عليها
* وجاء تارة بمعني الطاعة كقوله تعالى في سورة لقمان {وَإِذَا