كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [لقمان: 32] أي الطاعة والخضوع لقهره وحكمه وسلطانه سبحانه وجاء بهذا المعني في غير موضع من الكتاب
* وجاء تارة أخري بمعني الحكم كما قال سبحانه في سورة النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النور: 2]، أي حكم الله الذي أمركم أن تطيعوه وتعملوا به خاضعين وافق ذلك ما تحبون أو لم يوافقه
* وجاء تارة أخري بمعني الطريق الذي يعتاده المرء ويخضع له ويألفه كالذي في قوله تعالى في سورة الكافرون {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] أي لكم طريقكم الذي ألفتموه أنتم وآباؤكم من قبل ولي طريقي الذي هداني إليه الله سبحانه صراطا مستقيما
* ثم جاء تارة أخري بالمعني الجامع لهذه المعاني في غير موضع من كتابه كقوله تعالى في سورة التوبة {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] وهو الإسلام دين الحق كما سماه الله سبحانه وهو الدين الذي أنزله الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أول بعثته وجعل تمامه في يوم الجمعة التاسع من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة حيث نزلت عليه وهو واقف بعرفة آية تمام الدين وهو قوله تعالى في سورة المائدة {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وهو الإسلام الذي بين الله الحكم فيمن أتي اتباعه من أصحاب الملل جميعا فقال في سورة آل عمران {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
***
وهذا اللفظ الجامع عند المسلمين لا ينفك عن معني الخضوع لله سبحانه وتعالي بالطاعة وسلوك السبيل التي هدي إليها صراطا مستقيما فيما أنزل إلينا من كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم وفيما أمرنا به نبيه صلى الله عليه وسلم الذي لا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا

الصفحة 415