كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

وَحْيٌ يُوحَى كما وصفه ربه في سورة النجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7)} [النجم: 1 - 7]، وجعل طاعته شرطا من شروط الإيمان والإسلام في آيات كثيرة كقوله في سورة النساء {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59]، ثم بين سبحانه أن الرسول الذي يرسله لعباده لا يتم لمؤمن إيمان برسالته حتى يطيعه فقال بعد آيات سورة النساء {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء: 64]، ثم أتبعها بالحكم على من أبي أن يسمع لرسوله ويطيع بلا تردد ولا ارتياب ولا جدال بالخروج من الإيمان فقال سبحانه سورة النساء {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وقال في سورة الأحزاب {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
فصار بيننا بهذه الآيات وغيرها أن الدين عندنا وهو الإسلام إنما هو ما أنزل الله على نبيه من كتاب هو القرآن وما نطق به رسول الله من أمر ونهي وهو الحديث والسنة وهما جميعا الدين الذي رضيه الله لنا وأمرنا بإتباعه والخضوع له فيما أحببنا وفيما كرهنا وأن ليس لأحد أن يخالف حكما أنزله الله في كتابه ولا حكما قضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته سواء كان هذا الحكم قضاء في أمور الناس وهو الشريعة أو قضاء في أخلاق الناس وهو الآداب أو قضاء في الخضوع لله بالقلب والجوارح واللسان وهو العبادة ولكن كل هذا لا يستقيم وحده لأن المطالبين بأن يسلموا وجوههم لله وأن يطيعوا الله والرسول لم يطالبوا به عن طريق الإكراه والقهر والغلبة بل طولبوا به عن طريق الحجة والبرهان والدلالة أي عن طريق العقل والتفكير والتمييز بين الهدي والضلال والحق والباطل والرشد والغي ولذلك قال سبحانه في سورة البقرة {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ

الصفحة 416