كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

نشأ الخلاف الأعظم في الإسلام بين أصحاب القياس وأهل الظاهر الذين يبطلون القياس ويقيمون على دلالة النص ولكن هذا شئ ليس مما يمكن بيانه في مثل هذا الموضع وأشرت إليه كالتذكرة للبحث.
***
وهذه الجمل التي ذكرتها في معني الدين عندنا محتاجة بلا ريب إلي تفصيل ولا يستبين معناها تمام الاستبانة حتى نعرف على وجه من وجوه التحديد والدقة تفاصيل هذه الأقضية الأربعة التي ذكرتها وهي قضاء الشريعة وقضاء الآداب وقضاء العبادات وقضاء أصول النظر والاستدلال والطريق إلي هذا أن نحأول محاولة صادقة في تتبع جامع البيان عن هذه القضية فإذا فعلنا استطعنا أن نجلو عن وجه الحق في معني هذا اللفظ الدين ما هو فإذا تبين معناه كان تبينه عاصما أيضا من الضلال في بحث الألفاظ التي يدخل في بعض بيانها لفظ الدين ثم كان تبينه عاصما أيضا من الخلط في المعاني التي يدخلها الناس في الدين من قبل تأويل الألفاظ أو يخرجونها من الدين من قبل نقيض التأويل وهو إبطال معاني الألفاظ تحكما وعرامة أي جهلا منشؤه البطر عن طريق الاغترام بالعلم وتأويل الألفاظ حتى تخرج عن حق دلالتها وإبطال معانيها عرامة حتى لا تكون لها دلالة البتة داءان قديمًان ولكنهما اليوم أكثر شئ تفشيا وكتابة الكاتبين ممن جعل ديدنه الكتابة في الدين والحمية له بلا عقل صحيح أو علم عاصم أما أهل العناد والمخالفة فهم أشد إيغالا في البعد عن الطريق.
فمن أجل ذلك رأيت أن أكتب هذه الكلمات ثم أتبعها ببعض البيان عن معني الدين عندنا وهو إن لم يكن مجهولا منذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحق من ربه إلا أنه قد انتهي إلي أن يكون كالمجهول بعد أن غلبت على ديار الإسلام حضارة نابعة من تراث أهل الكتاب المذكورين في كتابنا المنزل وذلك لأنهم يستخدمون لفظ الدين لدلالة على شئ يأبي ديننا نحن أن يسلم بدلالته إباء مطلقا ثم

الصفحة 418