شاع اللفظ عند عامة أهلنا بالمعني الذي جاء في تراث أهل الكتابين فدخل على معني الدين ما ليس منه وحدث اختلاط وفساد كلاهما يؤدي إلي سوء التفكير وإلي ضلال النظر عن الحق الذي أمرنا باتباعه.
من أجل ذلك ينبغي أن ندل على معني الدين عند أهل الكتابين كما هو ظاهر في كتابيهما لكي يظهر الفرق بين معني الدين عند أهل الإسلام ومعناه عندهما وإذا ظهر هذا الفرق استطعنا أن نحدد مكاننا الذي ينبغي أن نقف فيه وأن نزيل اللبس الذي يؤدي إليه اختلاط معاني الألفاظ على المتكلمين والسامعين أو على الكاتبين والقارئين وليس هذا الأمر من اليسر بالمكان الذي يتوهمه المرء عند النظرة الأولي بل هو أمر شديد التعقيد أرجو أن أستطيع حل عقده حتى لا يتورط القارئ فيها وحتى لا تشتبه عليه السبل في زمان نحن أحوج ما نكون فيه إلي الدقة والتغلغل والنفاذ إلي أعماق المعاني والألفاظ بلا حيرة ولا بلبلة ولا عِيٍّ عن بلوغ أقصي ما نُطيق من التمييز.
وفي هذا الصدام بين إرث وجودنا وإرث حضارتنا وإرث ثقافتنا وبين هذا الغازي الصليبي المحترق الشديد الدهاء الكثير الوسائل المتلفع بألوان من الإغراء والتدجيل المتذرع بذرائع الغلبة والسيطرة على النفوس والقلوب والأهواء في هذا الصدام المر لم يبق لنا إلا إحدى اثنتين: إما أن نستبسل فتكون لنا غلبة أهل الحق على شيعة الباطل = وإما أن نفشل ونتنازع فيما بيننا فتذهب ريحنا كما ذهبت رياح أمم من قبلنا قضي عليها الفشل والتنازع أن تصبح أثرا بعد عين وبالله نعتصم وإليه نلجأ وعليه نتوكل.