مما تعنيه أنت من معني الدين الذي هو الإسلام عندك وهذا بين جدا فيما أرجح وذلك لأن معني الدين عند النصراني مركب من جماع عقائد النصرانية وآدابها وأعمالها وعباداتها وطرق ممارستها على الوجه الذي يألفه ثم لو أدرك أنك إنما تعني بقولك الدين الإسلام فإنه يقتصر في فهمه معني هذا اللفظ على الأصل المشترك بين النصرانية والإسلام وغيرهما أي أنه لا يفهم من معني الدين عندئذ إلا أنه طريق من طرق التعبد والخضوع إذا قيس بما هو مطلوب منه أن يفهمه عنك وهكذا شأن المسلم إذا سمع لفظ الدين من نصراني أو يهودي أو عابد وثن لا يفهم معني سوي معني التعبد والخضوع لمعبوده يعبده دون الذي يسميه النصراني أو اليهودي أو عابد الوثن دينا لأن معناه عند كل منهم مركب على الصورة مباينة لصورته عند المسلمين.
***
وكذلك إذا قال القائل النصرانية دين واليهودية دين والجوسية دين وعبادة الأوثان دين فإن هذا اللفظ له أربعة معان جامعة متباينة للفظ واحد إذا كان المراد بلفظ الدين المعني المركب الذي يدركه كل منتسب ينتسب إلي واحد منها لأن هذه الأربعة لا يكاد يتشابه معناها المركب وإنما يأتي الخداع من حيث أنك تجرد كل واحد من هذه الأربعة من كل ما تركب منه معناه الجامع وتظن عندئذ أنك فهمت شيئا أو أدركته على وجهه الصحيح وهذا باطل فإنك إنما قصرت معني الدين هنا على معني الخضوع والتعبد لمعبود غير مميز وهو لفظ لا يؤدي اشتراك هؤلاء الأربعة الملل فيه على شهادة لواحد منها بمشابهة صاحبه ولا على شهادة واحد من هذه الأربعة على أن الثلاثة الأخر حق أو باطل.
فينبغي إذن أن يكون واضحا تمام الوضوح أن لفظ الدين عندئذ مفهوم عند الثلاثة الآخرين في حيزه المفرد دون حيزه المركب وإذا كان الأمر كذلك فإن في تسمية المعتقد في أحد هؤلاء الأربعة ما عند الثلاثة الأُخَر