ومعلوم عند أهل الشأن، (ولا مؤاخذة ولا تثريب)، أن الأربعة الأخيرة كتبها شيخ المعرة وهو رهن المحبسين، أي بعد عزلته في سنة 400 وقد جاوز السابعة والثلاثين من عمره بكثير فهذه لا تدخل في نص صاحب الخبر اذ قال فاه به في أول عمره فلم نحصل مما ذكرنا الا على سقط الزند الذى نص شيخ المعرة في فهرست كتبه على أنه شئ نظم قديمًا ونص الشيخ الامام أبو زكريا التبريزى 421 - 502 هـ على مثل ذلك اذ قال قرأت عليه كتبا كثيرة من كتب اللغة وشيئا من تصانيفه فرأيته يكره أن يقرأ عليه شعر صباه الملقب بسقط الزند وكان يغير الكلمة إذا قرئت عليه ويقول معتذرا من تأبيه وامتناعه من سماع هذا الديوان مدحت نفسى فيه فأنا أكره سماعه وكان يحثنى على الاشتغال بغيره من كتبه كلزوم ما لا يلزم زجامع الأوزان ثم يجئ شيخ المعرة في مقدمة سقط الزند فيذكر أن هذا كان منه إذ كان في ربان الحداثة أي أوائل الشباب مائلا في صغو القريض أي ناحية الشعر ثم يذكر أنه كره شعر صباه لما فيه من غلو في مدح الادمى بألفاظ ربما كان فيها صفات تحتملها صفات الله عز وجل فهو يبرأ منها ويجعلها مصروفة إلى الله سبحانه ثم يستغفر مما فعل.
وشئ قليل من الأناة يتجمل به المبتدئ الجامعى يريه عيانا ماثلا أن شيخ المعرة لم يعتذر مما زعمه التالف صاحب خبر القفطى بل اعتذر كما قال التبريزى من مدح نفسه في شعر الصبا وحسبك برهانا على ذلك ما كنا نتعلمه من شعره ونحن أطفال في سقط الزند:
وإنى وإن كنت الأخير زَمَانُه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
واعتذر أيضا من الغلو في مدح الادمى بصفات لا يستحقها وهذا كثير من أول شعر السقط إلى أواخره فإذا علمنا أن الشيخ إنما اعتذر من هذا وأشباهه ولم نجده اعتذر من شئ غيره كان في سقط الزند فذلك وحده كاف في الدلالة على جهل صاحب الخبر بشأن المعرى وبشعره ونعم قد وجد الناس بعد أن ساءت القالة في الشيخ كما سأبين في سقط الزند شعرا استخرجوه ليقدحوا به في ديانته ولكن المبتدئ الجامعى الشادى يستطيع أن يعلم أنه محصور في ضرب