دينا فذلك من فعله ضرب من الخداع في التعبير يفضي إلي الخلط في فهم المعني المراد من تعبيره إلا إذا ذكره مقيدا واضح التقييد حتى يرجع بالمعني الجامع إلي المعني المفرد وهو مجرد التعبد والخضوع من العابدين دون ما يكون به النصراني نصرانيا واليهودي يهوديا والمجوسي مجوسيا وعابد الوثن عابد وثن.
هذا وليس مجرد التعبد والخضوع بكاف في أن يجعل كل واحد من هؤلاء متميزا عن أخيه حتى يقال هذا نصراني وهذا يهوي وهذا مجوسي وهذا عابد وثن فإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون المعني الموجب لوصف كل منهم بما وصف به شيئا خارجا عن معني العبد والخضوع وهذا واضح جدا وإذا اختلفت مع ذلك صفة المعبود عند كل منهم امتنع أن يكون بينهم اشتراك في معني التعبد والخضوع نفسه واتسعت شقة التباين اتساعا يوجب أن نلتمس لمعني العبد والخضوع نفسه نعتا مميزا لكل واحد من هؤلاء الأربعة لأن التعبد والخضوع نسبة إلي شئ يتغير المفهوم من معناهما بتغير المنسوب إليه.
***
وقد دارست مكان هذا اللفظ الدين وموقعه في كتاب الله سبحانه فوجدت مصداقا ذلك فيه بلا شبهة تعرض فحيث وقعت هذه اللفظة من كتاب الله وقعت في منزلها الذي هو منزلها دون سائر المنازل التي يقع عند الناس الخلط فيها وصريح النظر كان يوجب أن يكون ذلك كذلك فإن الله سبحانه حين أرسل رسوله بالهدي وأوحي إليه هذا القرآن العظيم أرسله على حين فترة من الرسل أي على انقطاع في رسالة الرسل وقد انطمست معالم الرسالة التي أرسلوا بها وتحول الناس إلي غير العبادة التي أمرتهم بها رسل الله فكانوا جميعهم غربهم وعجمهم في جاهلية مصداق ذلك ما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، من حديث عياض المجاشعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله نظر إلي أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل