كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

أما "الدين" معرفا غير موصوف، وهو الفرع الثاني على المعني الثاني كما ذكرت والذي يراد به الطاعة والخضوع لله على وجه واحد لا يختلف وذلك هو الوجه الذي وصي به أنبياءه جميعا ولم يختلفوا عليه وأمروا أن لا يتفرقوا فيه فقد جاء في آيات كثيرة في سورة البقرة في ثلاثة مواضع 132 193 256 وفي سورة آل عمران 19 وفي سورة النساء 46 وفي سورة التوبة في موضعين 11 122 وفي سورة الحج 78 وفي سورة الأحزاب 5 وفي سورة الممتحنة 8 9 وهو يتضمن بيان معني الدين بأنه الإسلام وأن الدين لله ولذلك جاء هذا المعني في سورة آل عمران {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19] وذلك دال تمام الدلالة على أن ما سوي الإسلام على الوجه الذي وصي به إبراهيم ويعقوب ولدهم من الأنبياء كما جاء في سورة البقرة 132 وعلي الوجه الذي سمانا به إبراهيم مسلمين كما في سورة الحج 78 لا يسمي دينا بل هو ملة لا غير يصدق ذلك قوله الله تعالي في سورة آل عمران {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] ثم زاده الله تعالي بيانا في سورة المائدة 3 وهي من آخر ما نزل من القرآن وفي الآية التي هي تمام الدين وذلك قوله تعالى {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
ثم جاء الدين مضافا إلي الله سبحانه وإلي الحق في سورة آل عمران 83 وسورة التوبة في موضعين 29 33 وفي سورة النور 2 وفي سورة الفتح 28 وسورة الصف 9 وسورة النصر 2 ويراد به الإسلام كله الذي لم يسم الله ملة من الملل غيره دينا كما أسلفت وبين ذلك بيانا واضحا في قوله في سورة التوبة 33 وسورة الفتح 38 وسورة الصف 9 وهن جميعا من آخر القرآن نزولا: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، فعرف الدين بالإضافة إلي الحق، وعنى

الصفحة 439