أبناء خالي ممن كان يومئذ مشتغلا بالأدب والشعر فأراد يوما أن يتخذني وسيلة إلي شئ يريده من عمته التي هي أمي رحمها الله فأبيت إلا أن يعطيني هذا الديوان الذي سمعتهم يقرأون شعره ويتناشدونه وقد كان فأعطاني ديوان المتنبي بشرح الشيخ اليازجي وكان مشكولا مضبوطا جيد الورق فلم أكد أظفر به حتي جعلته وردي في ليلي وفي نهاري حتي حفظته يومئذ وكأن عينا دفينة في أعماق نفسي قد تفجرت من تحت أطباق الجمود الجائم وطففت أنغام الشعر العربي تتردد في جوانجي وكأني لم أجهلها قط وعادت الكلمة العربية إلي مكانها من نفسي وإن لم أجدها زحزحت شيئا من الكلمة الإنجليزية التي غرسها دنلوب اللعين في غضارة أيامي غرسها هذا الخبيث بمكره الخفي بمفاجأة طفل غرير بلغة غريبة تنازع لغته على لسانه قبل أن تستحكم فيه وبتقديمها على لغته إذ جعلها الدرس الأول المكرم وبعلمه أن نفس الطفل تواقة إلي الجديد سريعة الانصراف عن القديم المألوف وكذلك يفضي الأمر إلي تخلف لغة أبائه وأجداده عنده وتقدم لغة عدوه وغلبتها على لسانه هكذا كان مكره ويؤسفني أن يكون هذا المكر هو الأسلوب الغالب إلي هذا اليوم على مدارسنا مع ما فيه من السفه والجهالة ولكن كيف المخرج والمسيطرون على الأمر هم الثمرة التي جنتها أمتي من غرس دنلوب وغير دنلوب ممن يعمل لإفقاد هذه الأمة العربية معالم طريقها إلي الحياة الصحيحة السليمة من الآفات؟
ثم انتقلت إلي المدارس الثانوية فظل هذا التنازع المر قائما في نفسي يأخذني هذا ثم يرسلني ويطبق على ذلك ثم يفلتني وبدأت أنتبه بعض الانتباه ولكن أثر اللعين دنلوب كان ضاريا كان يختل انتباهي ثم يفترسه نعم أحببت العربية حبا شديدا ولكن الإنجليزية كان لها التقدم دائما والغلبة أحيانا ثم كان ما أراد الله أ يكون فانبري لهما ثالث جاء ينازعهما جميعا ويصأول عن مكانه مصاولة خصم شديد اللدد وهذا الثالث هو الرياضيات قذف الله في قلبي حبها فكان لها كل اهتمامي وعظم إقبالي ولم يكن لي هم سوي إتقانها والتوسع فيها والتزود منها ما استطعت وفوق ما أستطيع وإن كان ذلك لم يصرفني عن قراءة تراث العربية وعن الشعر خاصة في العربية وغير العربية. ومن أجل