قال كليلة لدمنة: وكيف كان ذلك؟ قال دمنة:
زعموا أن أول من كتب لشيخ المعرة ترجمة من معاصريه هو الثعالبي في تتمة يتيمة الدهر 350 - 429 هـ وتوفى قبل أبي العلاء بعشرين سنة وكتابه مطبوع فمن الخير بل من أجل النعم التي يحتازها جامعي شاديا كان أو أستاذا كالدكتور لويس أن يعرف نص هذه الترجمة قال:
كان حدثني أبو الحسن الدلفي المصيصي الشاعر والمصيصة التي ينسب إليها ببلاد الشام وهو ممن لقيته قديمًا وحديثا في مدة ثلاثين سنة قال لقيت بالمعرة عجبا من العجب رأيت أعمى شاعرا ظريفا يكني أبا العلاء يلعب بالشطرنج والنرد ويدخل في كل فن من الجد والهزل وسمعته يقول أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء البغضاء قال وحضرته يوما وهو يملي في جواب كتاب ورد عليه من بعض الرؤساء ثم ذكر ثلاثة أبيات أملاها الشاعر الأعمى ولم يزد على ذلك شيئا وهو خلو أي خال خلو تاما من كل إشارة إلى إتهام الرجل في دينه.
وبقليل من فطنة الجامعي وأخيرا اعتذر لأساتذة جامعاتنا لأني لا أعينهم بهذه النسبة يستطيع الشادي أن يعلم علما يقينا أن في قول أبي الحسن المصيصي لقيت بالمعرة عجبا من العجب أعمى شاعرا ظريفا يكني أبا العلاء دليلا ساطعا مستبينا على أنه لقيه قبل آخر سنة 398 هـ لأن شيخ المعرة فارق داره المعرة في هذه السنة ورحل إلى بغداد وأقام بها إلى ست من شهر رمضان سنة 400 هـ ثم فارقها إلى المعرة ولزم بيته وطبقت الآفاق من يومئذ شهرته وهو في تلك السنة في السابعة والثلاثين من عمره ومحال أن يكون كان ذلك بعد العزلة إذ لم يكن يجالس الناس يومئذ فضلا عن أن يلعب بالشطرنج وبالنرد ويدخل في كل فن من الجد والهزل كما قال أبو الحسن.
هذه واحدة وأخرى أن في قول المصيصي في آخر الخبر وحضرته يوما وهو يملي في جواب كتاب ورد عليه من بعض الرؤساء دليلا آخر على شيء مهم جدا ويزيل كثير من الغموض الذي زعم الدكتور لويس عوض أن يحيط بتاريخ أبي