كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

وكان من خبر الفتى وإنحلال دينه وإذا كان قد علم ذلك فلم أخفاه ولم لم يضمه إلى عجائب الفتى ليطرف بها صاحبه الثعالبي؟
وإجابة هذه الأسئلة بإيجاز واستنادا إلى ما سلف هو أن هذا شيء لم يكن قط وهذا بين إن شاء الله تعالى ومع كل ذلك فشيخ المعرة وهو في الخامسة والعشرين من عمره لم يكن مغمورا ولا مجهولا وقد تأزرت الأخبار على ذلك ويحدثنا شيخ المعرة بالمعهود من صدقة على أنه كان يومئذ قد بلغ الغاية في تحصيل العلم فهو يقول في رسالته إلى خاله أبي القاسم عليّ بن سبيكة والتي أرسلها إليه عند طلوعه من العراق سنة 400 وهو يومئذ في السابعة والصلاثين وقد فارقت العشرين من العمر ما حدثت نفسي باجتداء علم أي طلبه من عراقي أو شام من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وإذن فإلى أن كانت سنة 398 من الهجرة على الأقل لم يكن دين أبي العلاء موضع تهمة ولا كانت مقالة السوء قد سارت عنه في الناس وهو يومئذ في الخامسة والعشرين شابا ملء شبابه ورجولته وفي أول الطريق الأعظم إلى الشهرة التي سوف تتردد في جنبات بلاد الإسلام. وتحليل خبر الثعالبي المعاصر الأول له مسندا إلى أبي الحسن الذي رآه بعينيه في معرة النعمان مرارا قد دل دلالة قاطعة على أن هذه القالة لم تكن إلا بعد عودته من العراق واعتزاله وتأليفه ما كثرت ليه فيه المأخذ كلزوم ما لا يلزم واستغفر واستغفري بعد سنة 400 من الهجرة.
ولو كان ذلك معروفا عنه في صباه ثم اعتذر منه لما قال الخطيب البغدادي المعاصر الثاني 392 - 463 هـ بعد شهرة أبي العلاء ودخوله العراق والخطيب عند ذاك في الثامنة من عمره لم يعقل أمر أبي العلاء إلا بعد ذلك بدهر وعارض سورا من القرآن يعني في كتاب الفصول والغايات وهذا باطل بالطبع وحكى عنه حكايات مختلفة في اعتقاده حتى رماه بعض الناس بالإلحاد فهذا لا يقوله مثل الخطيب لشيء كان في الصبا الأول اعتذر منه صاحبه وتبرأ ووجهه وجوها يحتملها التأويل وأيضا لامتنع عقلا ولا مؤاخذة أن يقول المعاصر الثالث وهو الباخرزي ( .... - 467 هـ): وقد طال في ظلال

الصفحة 47