العلماء والشعراء من أهلها فمن هذه العلوم علم تفسير القرآن وعلم الفقه وعلم أصول الفقه وعلم التوحيد والكلام وعلم الفرق الإسلامية وغير الإسلامية وعلم التاريخ وعلم السير وعلم الفلك وعلوم الفلسفة ثم علوم الأدب كعلم البيان وعلم العروص والقوافيوعلم أخبار أهل الجاهلية والإسلام وأيامهم وفوق ذلك كله علم الشعر جاهلية وإسلامية إلى سنة 386 من الهجرة رواية ودراية وأنا لا أفترض ذكر هذه العلوم افتراضا بل يوجب الإلمام بها إلماما تاما مجرد دراسة شعر صباه الذي ضمنه الشيخ ديوان سقط الزيد وما تبع هذا الديوان مباشرة من رسائله وكتبع ولا سييما لزوم ما لا يلزم الذي ابتدأه بعد عزبته في سنة 400 من الهجرة ويوجب الإلمام بها على وجه اللزوم ما نعرف نحن النشأة والمدارسة ومعذور من نشأ على غير ذلك إذا لم يعرفه من أن ذلك كان شأن هذه الأمة في دراستها منذ كان الإسلامفى كل حاضرة من حواضره فما ظنك بمن نشأ ببيت كبيت شيخ المعرة يحفه العلم من نواحيه نساء ورجالا وقد مضى خبر تلقيه الحديث عن جدته.
* وأمر رابع أن أبا العلاء أصابه الجدري وهو في الرابعة من عمره فعمى، ومن قدر له أن يفيق من سكر الأوهام لحظة يعرف عرفانا لا يخاطه شك مقدار ما ينبعث في قلب الأب من رحمة على ولده الذي عمى وما تنطوي عليه حينئذ جوانحه من الحدب عليه والإشفاق فكذلك كان ما وجد عبد الله بن سليمان القاضي لولده أحمد الصغير الأعمى حتى وجد اصبي عنده القرار والسكون وافطمئنان فلما دعى أبوه فأجاب وذلك في سنة 395 هـ قال أخو الثانية والثلاثين من العمر أبو العلاء في رثائه:
لقد مسحت قلبي وفاتك طائرا ... فأقسم أن لا يستقر على وكن
يقضي بقايا عيشه وجناحه ... حثيث الدواعي في الإقامة والظعن
ومن عرف معاني الشعر = (لا أعني شعر "بلوتولند" ولا شعر حوار فهذا شيء خارج عن طاقة ذوي العقول!) = أدرك أن هذا الضرير كان يعيش في كنف أبيه