كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

وبعدُ، فقد قضيت دهرا أحمل القلم وأكتب، ولكني ظللت أكره أن أنشر على الناس شيئا قد قرأوه من قبل في صحيفة أو مجلة حتى إذا كان ما كتبته في مجلة الرسالة منذ يوم الخميس 22 رجب سنة 1384 وجدت إلحاحا شديدا على جمع ما نشر وإخراجه في كتاب وكانت حجة أصحابنا قاهرة لحجتي ومزيلة لما أصررت عليه من إلفي وعسى أن أكون أخطأت الطريق حين ألفت ما ألفت وخفت أن أكون كتمت علما يسره الله لي عن طالب علم ففى كل يوم ينشأ في ناس طالب علم لم يدرك زمانه ما كتبت وعسير عليه أن يلتمسه مع تفرقة في الصحف والمجلات فمن أجل ذلك لم أجد بدا من الاستجابة لأصحابنا راضيا عنهم لائما لنفسي معتذرا عما فرط مني مستعينا بحول الله وقوته على تحقيق ظنهم في بارئا إليه سبحانه من كل حول وقوة.
وقد بدأت أكتب هذه الكلمات بعد عزلة ارتضيتها لنفسي منذ سنين لأني خشيت أن لا أقوم بحق القلم عليَّ وبحق الناس عليه فوجئت بأشياء كنت أراها هينة لا خطر لها فاستبان لي بعد قليل من مذاكرة أصحابي أن الأمر أهول مما ظننت فمن أجل ذلك فارقت عزلتي وبدأت حريصا على أن لا أخون حق القلم عليَّ ولا حق الناس عليه.
ونعم لم أكن غافلا عما يجري من حولي بل كنت مصروفا عن متابعة بعض الحوادث والنوابت وعن تعليقها بأسبابها وعن إتباعها بنتائجها إذ كنت امرءا ملولا وهو مما قضى الله أن أكونه يسرع إلى الملل فأطرح شيئا كثيرا أعلم عن أصحابه من السخف ما أعلم، فلا أقرأه ولا ألقي إليه بالا فمن ذلك ما كان يكتبه "جاكس عوض" الذي كان يعرف فيما غَبَر باسم "لويس عوض"

الصفحة 7