- 4 -
وإذن، فليس حسنا، بل شنيعا أن ينتصب امرؤ له بقية عقل، فيقوم قائما ليخون جهرة وعلانية أمانة البيان وأمانة القلم لأنه عندئذ إنما يخيس بأوثق عهد عهده الله إلى بني آدم حيث علمهم البيان وعلمهم بالقلم وكل ناطق بلسان أو كاتب بقلم فإنما هو معلم لمن يتلقى عنه فإذا احتال وغش وخادع وكذب واجترأ على ما لا يحسن وادعى ما لم يكن وحرف الكلم عن مواضعه وبدل لفظا بلفظ ليزور باطلا فزوق وحسن وأخفى معالم القبح فيه بالتدليس وستر عواره ودمامته بالمخرقة والتمويه والمخرقة احتيال الدجاجلة بالحيل الخفية فقد خرج بفعل ذلك عن أن يكون مبينا وكاتبا إلى أن يكون دجالا يجعل الصدق طلاء لما تعاف النفوس من كذبه وخرج من أن يكون معلما لمن يتلقى عنه إلى أن يكون نهازا لغفلات السامعين والقارئين يريد العدر بهم وبعقولهم ليفسدها بآفة من آفاته. وإنما هو مخاتل يتخذ ثقة المتعلم بمن يظن أنه يعلمه شبكة وحبالة للإيقاع به. هذا كله شنبع فإذا جاء وقد ناط إلى اسمه لقبا يتدلى كأنه وسام شاهد مصدق لظن المتعلم فيه فذلم من فعله أشنع فإذا ألبس مكره بالقارئ قناعا يقال له المنهج يبتغي بذلك أن يأتيه من مأمنه فلا تخامره الهواجس والشكوك فيما يقال له فذلك أوغل الشناعة فإذا صال على المتعلم صولة الشرلتان المدرب والشرلتان معروف معناه في كلام الأعاجم فتذاءب عليه أي فعل فعل الذئب في المهاجمة فأتاه من عن يمين وشمال فاستكثر بذكر أسماء العلماء والكتب ليتاح له أن يلقى إليه أقوالا مركدة إلقاء الحقائق المسلمة المفروغ من صدقها وصحتها فذلك أخبث الشناعة وهو بالقارئ المخدوع أضر من الوباء المتفشي ومن الطاعون المستعر فإذا كان على ذلك كله ممن ائتمن على كرسي أستاذية أو على صحيفة سيارة في الناس عالمهم ومتعلمهم وشاديهم فارتكب هذا