كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

أهل دينه وعاداتهم وأخلاقهم وآرائهم ومعتقداتهم ثم عن أبيه وأمه اللذين كان يحوطان ضرارته وعجزه فيرعيانه ويكفلانه ويقومان بكب أمره حدبا عليه وإشفاقا لما أصاب صغيرهما من الضر والعمى والبلاء فينتزعه من هذا كله بلا عقثل وبلا تدبر وبلا إنسانية وبلا شعور ليعامله في مقاله معاملة المقاطيع واللقطاء من عميان السيد البدوي وسانت تريزا فيخرجه من بين هؤلاء حميعا فتى صغيرا أعمى عاجزا وهو في نحو الثانية عشرة من عمره ليدور به ويتسكع بين حلب وأنطامية واللاذقية وطرابلس وحيدا منفردا بلا راع ولا رفيق ولا قائد ثم يطرحه في أيدي الرهبان يقفونه باليونانيات من أدب وفلسفة ولا قيمة عند هذا الرجل لما يقال في كتب القدماء من أن هذا الأعمى الصغير ولد لأبوين مسلمين وفي قرية مسلمة وأن مآبه بعد التسكع بين الرهبان والأديرة مآب إلى ديار أهل الإسلام كل هذا لا قيمة له ولا خطر عند أستاذ جامعي تبجح بأنه جاء يعلم الناس الإنسانيات!!
وهذا أستاذ جامعي بعد ذلك كله يأتي بلا حياء فيكتب تسع مقالات متتابعات عن شيخ المعرة ورسالة الغفران وهو لم يقرأ حرفا واحدت من شعر أبي العلاء وإن كان قرأ منه شيئا أو قرئ عليه فإنه لم يفهم منه حرفا على الوجه الذي يفهم به الشعر وهو لم يقرأ رسالة الغفران التي يكتب عنها لا قراءة صحيحة ولا قراءة غير صحيحة بلا ريب عندي في ذلك كما سيتبين ذلك لكل ذي سمع وبصر أديبا كان أو غير أديب.
فأنا أريد أن أسأل بعد هذا كله سؤالا واحد أهذا سلوك أستاذ جامعي يحمل لقبا يدلس به على صغار الناس وكبارهم ويغتال غفلاتهم عن عواره ثقة منهم بكرامة هذا اللقب وكرامة من يحمله وجواب كل ذي عقل أو حصاه من عقل لا ولا كرامة فإذا لم يكن هذا السلوك سلوك أستاذ جامعي ولا مبتدئ جامعي ولا طالب ثانوي ولا أحد من عرض الناس يشدو دراسة الآداب أيا كانت وفي أي لغة شئت فكيق أستحل بعد ذلك لنفسي ألزق باسمه لفظ الدكتور؟

الصفحة 77