كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

والآن وقد فرغت من طرح عبء ثقيل جدا كنت أحمله وأنا أكتب قبل اسم لويس عوض لفظ دكتور ويزيده ثقلا ما كنت أجده من الغضاضة في ذلك لأني كنت أجدني كأني أخون الأمانة أيضا بالمشاركة في ترويج أوهام ضارة بالنشء وتثبيتها بكثرة الاستعمال مع صحة علمي بأن الشباب الغض سريع إلى الوقوع في شرك الألفاظ التي تحمل تراثا من المهابة والتبجيل ونبضا حيا من الأمانة والدقة والبعد عن الهوى وإخلاص النية في حمل العلم ونشره بين الناس الآن وقد طرحت عني هذا الثقل أعود إلى لويس عوض مجردا عاريا من طيلسان الأستاذية المتخذ أداة للخداع.
مثانوس (بالرومية) أي معاذ الله! معاذ الله أن أظلم أحدا من الناس كائنا من كان من أجل ذلك عاملت لويس عوض في المقالات الثلاثة السالفة برفق وتؤدة وأناة فلم أقل له مثلا إنك جاهل معتق الجهل مخافة أن يحمله على معنى الجهل الذي هو نقيض العلم قبل أن أقدم البرهان على ذلك وكنت في الحقيقة مريدا لها حريصا عليها لا بهذا المعنى القريب المألوف بل بالمعنى الآخر الذي يقال فيه صبي جاهل أي غرير طياش اعقل سريع إلى المتالف يجلب الشرور على نفسه من حيث يدري ولا يدري وكنت مريدا لها حريصا عليها لأنها تؤدي ما أريد من صفته لأنه استمرا اللعب بآداب العرب وكلامهم منذ "بلوتولند" ولم يزل يزيد لعبا حتى أوقع نفسه في المهالك المتلفة وكان غنيا عنها بيونانه ورومه وقرونه الوسطى والمتطرفة يتلعب بهم كما يحلو له وكما يشاء ولا حرج.
أما الآن وقد استجاب الله سبحانه دعاء الضارعين إليه في يوم الجمعة المبارك الساعات فنشر لويس عوض مقاله التاسع وكتب في ذيله انتهى البحث ثم يسر لي سبحانه أن أجمع الأسباب الداعية إلى إلقاء العبء الثقيل عن كاهلي فقد جعلت مكافأة لويس عوض على مسارعته إلى إعفاء الناس من غثاثة ما يقول وما ينشر أن أدع له حديث راهب دير الفاروس جانبا ومؤقتا وإن كانت له بقية تعد تحفة من التحف وآخذ في طريق آخر هو أخف مؤونة على القراء وأعون لهم على فهم حقيقة هذا الكاتب الذي كان يقال في مثله قديمًا:

الصفحة 79