كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

كان من سوالف الأقضية أن كتب الله على يوما ما أن أقرأ له شيئا سماه "بلوتولند، وقصائد أخرى"، وكتب تحته من شعر الخالصة وأهداه إلى "كريستوفر سكيف" وذلك في 1947 من الميلاد ولما كنت أعلم خَبْءَ "سكيف" هذا وأنه كان أستاذا في كلية الآداب بجامعة القاهرة وأنه كان ماكرا خبيثا خسيس الطباع وأنه كان يفرق بين طلبة القسم الانجليزى في الجامعة يمد يدا إلى هذا لأنه تابع له حاطب في هواه وينفض يده من ذاك لأنه يعتصم ببعض ما يعتصم به المخلصون لدينهم ووطنهم حمية وأنفه واستنكافا أن يضع في عنقه غلا للسيادة البريطانية وللثقافة التبشيرية المسيحية وكنت أعلم فوق ذلك انه شرلتان عريض الدعوى لا يستحق أن يكون استاذا في جامعة ولكن سيادة بريطانيا كانت يومئد هي الغالبة وكانت كلمتها هي النافذة فأصبح سر أجاكس عوض مفضوحا عندى باهدائه "بلوتولند" وقصائد أخرى إلى هذا الجاسوس المحترف والمبشر الثقافي الصفيق والشرلتان الذى صار أستاذا في الجامعة "كريستوفر سكيف"!
لم يمنعنى ذلك من الاقدام على قراءة الكتاب فاذا أوله هذا العنوان حطموا عمود الشعر وتحته مباشرة هذا الكلام لقد مات الشعر العربى مات عام 1933 مات بموت أحمد شوقى مات ميتة الأبد مات! فتوقفت دهشة ولم يخامرنى شك في أن كتب هذا داخل فيما يسميه الأطباء مانيا هلو سيناتوريا وهو الهذيان والوسوسة واختلاط العقل وقلت حالة لطف ومضيت أقرأ هذه المقدمة مشتاقا لكى أسرى عن نفسى وكانت أيامنا يومئذ جالبة للغم وصدق ظنى فضحكت ولم أبال بما وجدت فيه من غض شديد للعرب ومن حقد اكل على دينهم وكتابهم ومن غرور فاجر وسوء أدب ولم أعبأ بالرائحة الخبيثة التي تفوح من تحت الفاظه فقد كنت الفت أن أجد ذفرها حين القى جماعات المبشرين في ثيابهم المختلفة (1) حين يستخفون فيها وحين
__________
(1) "الذفر" خبث الرائحة ونتنها.

الصفحة 8