كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

والله أعلم بترجمتك المكسورة رقبة بلاغتها قالت بياتريس لم تدلهت في عشق وجهي حتى ألهاك العشق عن النظر إلى الحقيقة الفاتنة التي أينعت تحت ضياء المسيح ها هي ذي الوردة التي فيها أصبحت الكلمة الإلهية جسدا ثم قالت وكانت الوردة هي مريم العذراء روزا مستيكا كما يسمونها ودل كلامك بعد ذلك على أن الوردة هي الزهرة التي تشم بالأنف أي بالنوز بالإنجليزية ليكون أوضح لك أليس هذا صحيحا يا لويس عوض بالطبع نعم.
فالآن ننظر ماذ كانت عاقبة لعبك لفوصتك في كلام العرب يقول بعد الذكاء المفرط والشروح النفسية والمقارنات الأدبية الخارقة للعادة والفيلوجيا المدهشة أي فقه اللغة ما نصه أيها السادة واستعينوا بالله واحملوا معي رقبة بلاغته المكسورة وأمري وأمركم إلى الله يقول:
غير أن بعض التفاصيل الواردة في فردوس دانتي توحي بأنه اقتبس أيضا من القرآن الكريم ومن رسالة الغفران وربما من غير ذلك من المصادر الإسلامية فتصويره للوردة السماوية وهي مريم العذراء روزا مستيكا يوحي له صلة بما جاء في سورة الرحمن {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] وقد اتخذ دانتي من وردة الفردوس رمزا لمريم العذراء ووصف الوردة بأن أوراقها من الملائكة وقد كان للوردة أدب غزير في العصور الوسطى الأدبية مثل قصة الوردة الشهيرة وهو كله قصص ظاهري دنيوي وباطنه بحث بالخيال في الإلهيات على طريقة دانتي ومنه ما هو سابق لدانتي وليس له في التراث الكلاسيكي الأوروبي أصول معروفة.
فليس يبعد أن تكون أوروبا المسيحية في العصور الوسطى قد أخذته من العالم الإسلامي عن طريق أسبانيا وصقلية وترجمت رموزه بما يتمشى مع ديانتها والمعري نفسه ينسج على صورة الوردة في سقط الزند ويجعلها في الأرض لا في السماء:
فإذا الأرض وهي غبراء صارت ... من دم الطعن وردة كالدهان

الصفحة 81