كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

صحيفة في بلاد العرب والإسلام فتحملهم المهابة لألقاب العلماء والثقة بصحيفة الأهرام على سرعة التسليم بأن لهذا الصديد المنبثق من كلماته معنى يفهم ومعنى ذلك بلا إطالة هو أن الله سبحانه وتعالى ينذر عباده ويخوفهم بما سيكون يوم القيامة من الهول والفزع الأكبر {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48] فتنكدر النجوم وتنتثر الكواكب وتنشق السماء وتنفطر يتبدل لونها حمرة صافية مشرقة من شدة اللهب يومئذ فذلك قول الله سبحانه في صفة يوم القيامة {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)} [الرحمن: 37 - 42].
فمعنى وردة أي حمراء وهي صفة أما الوردة التي تشم فهي اسم لا صفة يقال المذكر أسد ورد وفرس ورد أي احمر اللون = وللأنثى فرس وردة أي حمراء فلفظ وردة لفظ مشترك بين الاسم والصفة فما لهذا المأفون المتعالم يظن أنه كشف كشفا بذكر الوردة التي هي عند دانتي (روزا مستيكا) فيسارع إلى إقحامها في آيات عذاب يوم القيامة لمجرد اشتراك في اللفظ بين الاسم والصفة وبتعالام غث يذكر تفاسير الآية كأنه بحق قرآها وراجعها وعرف معناها ومرة أخرى من أي أديم شق وجه هذا الرجل؟
وتبلغ يه ثخانه وجهه أن يعود مرة أخرى إلى قصيدة سقط الزند التي أخذ منها بيتا من خلال أبيات يذكر فيها شيخ المعرة الإبل ويصف ما لاقته نهارا في البيداء من هجير وظمأ وما رعت ليلا من صليان وهو نبت له جذور ضخمة في الأرض تجتثها الإبل بأفواها فتأكلها من شدة حبها لها فإذا كانت رطبة أساغتها وإذا كانت يابسة غصن بها أي شرقت فلم ير هذا الذي خبل بما خبل به إلا الصلبان جمع صليب تغص بها حلب فكتب البيت هكذا:
صليت جمرة الهجير نهارا ... ثم باتت تغص بالصلبان
وكتب تحته سقط الزند في وصف حلب فلما نبهه بعض الناس لم يزد إلا ثخانة وجه فيما كتب من تصحيح فقال إن صحته الصليان الياء وهو

الصفحة 83