كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

- 5 -
الآن نطرحه جانبا أعني لويس عوض فإنه لا خير فيه لا لا فأنا أكره الظلم ولا أحب أن أظلم الرجل فإن له فضيلة وفضلا أما فضيلته فإنه مريح جدا لمن يحسن أن يستخدمه أرأيت إلى الدمية التي تدير مفتاحها لتملأها فإذا هي تحرك يديها وتمشي برجليها وتترنح أحيانا وتعتدل وتختال أحيانا وتستقيم وتبتسم حينا وتوشك تبكي حينا آخر وتفتح عينيها تارة وتغمض جفنيها تارة أخرى ولولا قضاء الله على الجماد لنطقت ولولا قضاؤه لظلت تأتي من ذلك ما تأتي إلى غير انقطاع ومحركها في خلال ذلك ساكن قار لا يبالي ولا عليه أن لا يتدخل في أعمالها لأنها قلما تخطيء في عمل؟
إن تكن هذه عجيبة فلويس عوض أعحجب منها فقد ملأه مالئه منذ دهر ثم تركه وضبطه إلى أهداف بعينها ثم أطلقه فانطلق يجوس خلال الآداب عامة ثم الآداب العربية خاصة وهو لا يكاد يرى إلا ما ركب لأجله لا يكاد يرى إلا اليونان والروم والفرون الوسطى والمثقفين والحضارة الحديثة والحروب الصليبية والصلبان والخلاص والفداء والخطيئة وكسر رقبة البلاغة وكسر عمود الشعر العربي واللغة العامية والفتح الإنجليزي لمصر سنة 1882 وما شئت من أمثال ذلك مما ضمنه كتبه ومقالاته قديمًا وحديثا فهذا التركيب الموجه لا يكاد يرى ابن خلدون إلا مقرونا بأورسيوس = ولا المعري إلا مقرونا براهب دير الفاروس وبالحروب الصليبية وبالصلبان التي عصث بها حلب!! = ولا وردة كالدهان وهي من آيات العذاب يوم القيامة إلا مقرونة بروزا مستيكا مريم العذراء ومعاذ الله وبراها مما في عقله من السمادير = ولا يكاد يرى عمر مكرم وعرابي وجمال عبد الناصر إلا مقرونين بالمعلم يعقوب رئيس الخونة المظاهرين للفرنسيس الغزاة أيام نابليون = ولا توفيق الحكيم ونجيب محفوظ

الصفحة 89