كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

يستعلنون وقنعت بما سرى عنى الهموم من هذيانه ووسوسته واختلاطه وأنزلت أقواله وأحفاده حيث نزل اذ كان يؤمئذ شيئا مغمورا لا يؤبه له.
فرغت من المقدمة وأنا اعدها تحفة من التحف لا ستخراجها الضحك من قبضة التقطيب والعبوس فلما أفضيت إلى ما سماه من شعر الخاصة وجدتنى قد ظفرت بما فوق المنى بترياق للهم عجيب فمن يومئد خف أجاكس عوض على قلبى جدا ورايته ذخيرة تصان وطرفة عزيزة لا تمتهن كنا إذا ما اجتمع شمل الاخوان وأطبقت علينا سحابه من الكدر أو ضربت علينا أسداد من الكرب والحزن استخرجنا الكتاب من مخبئه فنقضى أوقاتا في قراءته واذا المجلس قد انقلب مسرحا لا مكان فيه للهموم والأحزان لاشئ سوى الضحك ثم الضحك ثم الضحك ومحا الضحك كل ما في الكتاب من سوء وصار اسم صاحبه بمجرد ذكره اسما جالبا للفرفشة كما تقول العامة في مصر!
هكذا كان بدء أمره، ثم كان عجبا لى أن أرى اسمه في بعض المجلات والصحف فربما هممت أن أقرأ له الشئ بعد الشئ لأسرِّى الهم عن نفسى فأضحك ولا أملك الا الضحك حين أراه يتقمص أحيانا قميصا من الرزانة والجد ويركب أحيانا أخرى مركبا من التيه والتعالم وانطوت السنون على ذلك حتى إذا كان يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخر سنة 1384 16 سبتمبر 1964 أخذت عينى اسمه مقرونا باسم رسالة الغفران في الصحيفة الأدبية لجريدة الأهرام فاومضت عينى ودومت حدقتها في الصحيفة الأدبية لجريدة الأهرام فأومضت عينى ودومت حدقتها في محجرها كما دومت في الأرض فلكة مغزل هكذا وجدت من فرط العجب وغلبنى الضحك لولا صرامة شيخ المعرة فانها كفتنى ومضيت أقرأ فاذا هو قد جرنى وطاف بى في أطلال موحشة خلفها الماضون من اليونان ولكنه على غير العهد به كان ثقيلا جدا وباردا جدا وخذلنى وانا يؤمئذ من أحوج الناس إلى الترفيه عن نفسى ببعض الضحك وجاءت جمعة أخرى فجاءنى بالغثاثة والغثيان في صورة تلخيص لهوميروس في أودساه فندمت حين خان العهد في إضحاكى وعزمت على أن أسقطه من حسابى فما الذى يحملنى على هذا البلاء الكريه؟ وقلت لنفسى مفرج كروب عاد مجلبة للغم لا حاجة لنا فيه!

الصفحة 9