فأنت تقول جزت الطريق إذا سرت في جوزه أي وسطه وسلكته نافذا إلى غايتك ثم تقول أجزت الموضع إذا سرت في جوزه وقطعته وخلفته وراءك فزيادة الألف زادت في معناه شيئا فإذا زدت في بناء الكلمة فقلت خرجت من داري فاجتزت بدار فلان فمعنى ذلك أنك مررت بها وخلفتها وراءك غير متوقف ولا يكون معناها أبدا أنك نزلت داره وأقمت فيها لأنه مناقض لاشتقاق اللغة فإذا جئت إلى مسافر طويل الرحلة فقلت اجتاو بالبلدة فأنت بالخيار في استعمالها أن تريد مر بها وتخطاها غير متوقف أو تريد مر بها ثم توقف ساعة أو ساعتين أو ليلة أو ليلتين فتقول اجتاز بالبلدة فنزل دار فلان ولكن لابد من هذه الإضافة فنزل بدار فلان ولكن هذه الزيادة في معنى اجتاز لا تأيت من أصل الاشتقاق ولكن شيء من خارج وهي أن المسافر الطويل الرحلة لابد له من وقعة زنظزل عن راحلته ليستجم هو وليريح راحلته ويصلح رحله وإدواته ويتزود لسفره بطعام وماء ثم ينطلقفهذه فترة استجمام لا فترة إقامة وهي قليلة معدودة الساعات أو الليالي لا تزيد عن ليلتين أو ثلاث وهذا صريح استعمالها كالذي يجيء في العهود بيننا وبين أهل الذمة ففى كتاب حبيب بن مسلمة الفهري في فتح أرمينية على عهد عثمان رضي الله عنه يقول الأموال: 209 فتوح البلدان: 209
ولنا نصيحتكم وضلعكم أي الميل والمعونة على عدو الله ورسوله والذين آمنوا فيما استطعتم وقرى المسلم المجتاز ليلة بالمعروف من حلال طعام أهل الكتاب وحلال شرابهم
فالمجتاز في هذا الخبر هو المسافر الذي قطع طريقا طويلا إلى غايته فيجتاز بمكان فيحتاج إلى الراحة والزاد فينزل ساعة أو ساعات أو ليلة إلى ثلاث ليال ثم يرحل عنه مخلفا وراء ذلك المكان فقول صاحب خبر الراهب حين قال فاجتاز باللاذقية لم يعن سوى أنه مر بها وخلفها وراءه غير متوقف وسنرى أنه لا يمكن أن يكون دخل اللاذقية أو قام بها هذه واحدة.
أما قوله ونزل بدير الفاروس فمعنى نزل بالمكان هو أنه أقام به قليلا