كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

البطالات ولا يخل به أهل التطرب واللذاذات .... ثم ذكر الأشعار فيه وفي رهبانه وقصاده.
وتظل تقرأ مثل هذه الأخبار حتى تنتهي من الكتاب وفيه أخبار شنيعة أعرض ذكرها وكذلك ما جاء في كتاب مسالك الأبصار في ذكر الديارات والحانات لا يكاد ينقضي عجبك من كثرة ما قي ل فيها وفي رهبانها وقسوسها من الشعر أكره أن أذكره لقبح ما فيه ولكنه يدل دارس العصر على أن أمر هذه الأديرة كان قد خرج عن الحد المستحسن لما شاع فيها من التبطل باللهو والخمور أما دير الفاروس الذي يعنينا هنا فحسبك أن تقرأ ما قاله أبو عليّ الحسن بن عليّ الغزي فيه وفي بعض رهبانه:
لم أنس في الفاروس يوما أبيضا ... مثل الجبين يزينه فرع الدجى
ثم يقول:
ولديَّ من رهبانه مُتَنَمّسٌ ... أضحى لفرط جماله متبرجا
أحوى أغنّ إذ تردد صوته ... في مسمع رد احتجاج ذوي الحِجَى
لا شيء ألطف من شمائله إذا ... حثَّ الشمولَ ولفظه قد لجلجا
فله ولليوم الذي قضيته ... معه بكائي لا لربع قد شجا
فهذه حالة سيئة جدا ومن ناحية الأخلاق على الأقل كانت عليها الأديرة في القرن الرابع الهجري وما بعده لأنها كانت مأوى أهل البطالة والعبث والمجون والخمر وكان لرهبانها أخبار لا يسحب ذكرها وعجائب من اللهو لا تنقضي
وأما اللاذقية نفسها وكانت تحت سلطان الروم فكان أمرها أشنع فإن أحد معاصري أبي العلاء وهو أبو الحسن ابن بطلان الطبيب النصراني المشهور واسمه المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان كان خرج في رحلته فكتب في رسالة رحلته ما نصه:
وخرجت من أنطاكية إلى اللاذقية وهي مدينة يونانية لها ميناء وملعب للخيل مدور وبها بيت كان للأصنام وهو اليوم كنيسة وكان في أول الإسلام

الصفحة 97