كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

مسجدا. وهي راكبة البحر وفيها قاض للمسلمين وجامع يصلون فيه وأذان في أوقات الصلوات الخمس وعادة الروم إذا سمعوا الآذانأن يضربوا الناقوس وقاضي المسلمين الذي بها من قبل الروم ومن عجائب هذا البلد المحتسب يجمع القحاب والغرباء والمؤثرين للفساد من الروم في حلقة وينادي على كل واحدة منهن وتتزايد الفسقة فيها لليلتهاتلك ويؤخذن إلى الفنادق التي هي سكن الغرباء بعد أن تأخذ كل واحدة منهن خاتما هو خاتم المطران حجة بيدها من تعقب الوالي لها فإمه متى وجد خاطئا مع حاطئة بغير خاتم المطران ألزمه جباية أي غرامة تاريخ الحكماء للقفطي 296 وغيره وهذا بالطبع قبيح جدا والعجب منه لا ينقضي ولا أحب أن أكثر من أمثال هذه الأخبار وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق!!
فإذا كانت هذه هي حالة الأديرة وحال رهبانها على عهد أبي العلاء وإن كنت قد استحييت أن أعطيك صورتها واضحة = وكانت هذه هي حال اللاذقية على وجه الخصوص ولم يكن أبو العلاء من أهل ذلك الشأن لا هو ولا أحد من أهله قضاة المعرة وشيوخها = فهل تظنه كان معقولا أن يتركه أهله يخرج وحيدا أو مع رفيق لا يعقل ولا يحسن الرعاية فيمر به على اللاذقية ويقيم بها وبدير الفاروس ويقيم به لكي يتعلم في هذه أو ذاك وعلى هؤلاء الرهبان أيضا!
هذا عجب أن يبلغ أهل الفتى الأعمى ذلك المبلغ من الجهل بأحوال ثغورهم فيتركوا فتاهم في أيدي هؤلاء يعلمونه ويثقفونه هذا سوء تصور للماضي أسوأ التصور وأسوأ منه أن تظن أن هؤلاء كان لديهم من الفراغ ما يتدارسون فيه آداب اليونان وفلسفتهم في لغتها الأصلية كما يقول لويس عوض في عجائبه التي لا تنقضي.
ثم نعود فننظر نظرة خاطفة في أمر سأشرحه مفصلا يوما ما أصحيح أن إذحلال أبي العلاء الفتى الضرير عن دينه كان يحتاج إلى راهب يشدو شيئا من علوم الأوائل فيسمع منه كلاما من أوائل كلام الفلاسفة فتحصل له شكوك ليس عنده

الصفحة 98