كتاب شرح الكافية الشافية (اسم الجزء: 1)

فإذا قال قائل: "كاد زيد يبكي"، فمعناه: قارب زيد البكاء، فالمقاربة ثابتة، ونفس البكاء منتف.
فإذا قال: "لم يكد يبكي" فمعناه: لم يقارب البكاء، فمقاربة البكاء منتفية، ونفس البكاء منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة.
ولهذا كان قول ذي الرمة:
إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
صحيحًا بليغًا؛ لأن معناه: إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه.
فهذا أبلغ من أن يقول: لم يبرح؛ لأنه قد يكون غير بارح، وهو قريب من البراح، بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربه البراح.
وكذا قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} 1 هو أبلغ في نفي الرؤية من لم يرها؛ لأن من لم ير قد يقارب الرؤية، بخلاف من لم ير ولم يقارب.
وأما قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ، فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر.
والتقدير: فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح.
4- التنبيه على اللغات الواردة في بعض الكلمات:
إذا وردت الكلمة عن العرب في أكثر من صورة نبه المصنف على اللغات الواردة فيها كقوله يتحدث عن "الذي" و "التي"2:
__________
1 من الآية رقم "40" من سورة "النور".
2 شرح الكافية الشافية "الورقة 6 ب، وما بعدها".

الصفحة 55