كتاب شرح الكافية الشافية (اسم الجزء: 1)

"الفصل بالظرف والجار والمجرور بين المضاف، والمضاف إليه كثير فمن ذلك قول الشاعر:
كما خط الكتاب بكف يومًا ... يهودي يقارب أو يزيل
وقول آخر:
هما أخوا في الحرب من لا أخا له ... إذا خاف يومًا نبوة فدعاهما
وقد يقع بينهما فصلان كقول الشاعر:
كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج
فهذا وما قبله لا يجوز في الاختيار، بل هو مخصوص بالاضطرار لوجهين:
أجدهما: أنه فصل بما لا يتعلق بالمضاف، فتمحضت أجنبيته.
الثاني: أنه فصل بحرف جر، أو بما فيه معنى جر مع كون المضاف مقتضيًا للجر ففي إيلائه ظرفًا، أو حرف جر يلاقي مقتضى الجر.
بخلاف إضافة المصدر إلى الفاعل مفصولًا بينهما بمفعول المصدر، فإن المجرورين فيهما مأمونان، مع أن الفاعل كجزء من عامله فلا يضر فصله؛ لأن رتبته منبهة عليه، والمفعول بخلاف ذلك.
فعلم بهذا أن قراءة ابن عامر -رحمه الله- غير منافية للقياس العربية.
على أنها لو كانت منافية له لوجب قبولها لصحة نقلها، كما قبلت أشياء تنافي القياس بالنقل، وإن لم تساو صحتها صحة القراءة المذكورة، ولا قاربتها كقولهم: "استحوذ" وقياسه "استحاذ" وقوله: "بنات ألببه"، وقياسه "ألبّة" وكقولهم: "هذا جحر ضَبٍّ

الصفحة 89