كتاب شرح الكافية الشافية (اسم الجزء: 1)

وادعاء أبي حيان بأن الواضعين الأولين لعلم النحو، لم يستدلوا بالحديث ادعاء غير مبني على أساس سليم من الحقيقة والواقع.
ذلك أن سيبويه، وهو إمام أئمة البصريين ضمن كتابه بعض الأحاديث، وفي المقتضب للمبرد، وهو من أئمة البصرة -أيضًا- ثلاثة أحاديث1.
والكسائي إمام الكوفيين استدل بالحديث، بل أفاض في ذلك عندما استدل بثلاثة أحاديث، هي قوله -صلى الله عليه وسلم: "فلا يقرب مسجدنا يؤذنا بريح الثوم"، وقوله:
"لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض". وقول أبي طلحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تشرف يصبك سهم" على مسألة واحدة هي جزم جواب النهي إذا سقطت الفاء.
واللغويون الأولون استشهدوا بالحديث، وممن أكثر من ذلك الأزهري صاحب "التهذيب" الذي كان كثيرًا ما يعمد إلى حديث من الأحاديث الشريفة، فيصدر به المادة، ويجعله مركزًا يدور حوله البحث. كما في مادة "نخ" الذي صدرها بقوله -صلى الله عليه وسلم: "ليس في النخة صدقة".
وادعاء أبي حيان بأن المتأخرين من نحاة الأقاليم، تابعوا المتقدمين في عدم الاحتجاج بالحديث إدعاء مردود بما تضمنته مؤلفات النحاة من أندلسيين، وغير أندلسيين من أحاديث.
فقد استدل بالحديث: الشريف الصقلي، والشريف الغرناطي، والسيرافي، والصفار في شروحهم لكتاب سيبويه.
__________
1 ينظر الكتاب المقتضب للمبرد، بتحقيق الشيخ عضيمة.

الصفحة 93