كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

من أن يخلص ألم القتل والصّلب إلى بدنه، وكان الطبّ عامّا غالبا في زمانه، فأظهر الله تعالى بما أجراه على يده، وعجز الحذّاق من الأطبّاء عما هو أقلّ من ذلك بدرجات كثيرة- أنّ التعويل على الطبائع وإنكار ما خرج عنها باطل، وأنّ للعالم خالقا ومدبّرا، ودلّ بإظهاره ذلك له، وبدعائه على صدقه، وبالله التوفيق.
فأمّا النبي المصطفى، والرسول المجتبى، المبعوث بالحقّ إلى كافة الخلق من الجنّ والإنس، أبو الْقَاسِمِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المطلب، خاتم النبيين، ورسول ربّ العالمين، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آله الطيبين الطاهرين- فإنه أكثر الرسل آيات وبينات وذكر بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أعلام نبوته تبلغ ألفا.
فأما (العلم) الذي اقترن بدعوته ولم يزل يتزايد أَيَّامَ حَيَاتِهِ، وَدَامَ فِي أمته بعد وفاته- فهو «القرآن» العظيم، المعجز المبين، وحبل الله المتين، الذي هو كما وصفه به من أنزله فقال: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [ (16) ] .
وقال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [ (17) ] .
وقال: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [ (18) ] .
وقال: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [ (19) ] .
__________
[ (16) ] سوره فصلت: (41، 42) .
[ (17) ] الآيات الكريمة (77- 80) من سورة الواقعة.
[ (18) ] سورة البروج: (21، 22) .
[ (19) ] الآية الكريمة (62) من سورة آل عمران.

الصفحة 10