كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لِمَلِكِهِمْ: مَا جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا؟ أَلَا بَعَثْتَ فَنَأْتِيَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ أَرَدْتَ؟ فَقَالَ:
أُخْبِرْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَمِنَ، فَجِئْتُ أُخِيفُ أَهْلَهُ. فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيكَ بِكُلِّ شَيْءٍ تُرِيدُ، فَارْجِعْ. فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَانْطَلَقَ يَسِيرُ نَحْوَهُ، وَتَخَلَّفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَامَ عَلَى جَبَلٍ، فَقَالَ: لَا أَشْهَدُ مَهْلِكَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَهْلِهِ. ثُمَّ قَالَ:
اللهُمَّ! إِنَّ لِكُلِّ إِلَهٍ ... حِلَالًا فَامْنَعْ حِلَالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ مِحَالُهُمْ ... أَبَدًا [ (254) ] مِحَالَكْ
اللهُمَّ! فَإِنْ فَعَلْتَ ... فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ
فَأَقْبَلَتْ مِثْلُ السَّحَابَةِ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ حَتَّى أَظَلَّتْهُمْ طَيْرٌ أَبَابِيلُ الَّتِي قَالَ اللهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قَالَ: فَجَعَلَ الْفِيلُ يَعُجُّ عَجًّا فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [ (255) ] .
وَعِنْدِي فِي هَذَا قِصَّةٌ أُخْرَى طَوِيلَةٌ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا فِيمَا قَصَدْنَاهُ [ (256) ] كِفَايَةٌ.
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بكير، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ قال: طيرا لها خراطيم كخراطيم
__________
[ (254) ] (أبدا) سقطت من (ص) .
[ (255) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2: 535) ، وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.
[ (256) ] في (هـ) : قصدنا.

الصفحة 122