كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

أَنْ يَبْلُغَ الْخَبَرُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَبْلِي، فَقَصَدْتُ قَصْدَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ. قَالَ:
أَسَعْدٌ نَزَلَ بِكِ أَمْ نُحُوسٌ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: بَلْ نَحْسُ الْأَكْبَرِ. فَفَهِمَهَا مِنِّي، وَقَالَ: لَعَلَّ ابْنَكِ قَدْ ضَلَّ مِنْكِ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، بَعْضُ قُرَيْشٍ اغْتَالَهُ فَقَتَلَهُ.
فَسَلَّ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ سَيْفَهُ وَغَضِبَ- وَكَانَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ- فَنَادَى بِأَعْلَى [ (341) ] صَوْتِهِ: يَا يَسِيلُ [ (342) ]- وَكَانَتْ دَعْوَتَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ-[قَالَ] : [ (343) ] فَأَجَابَتْهُ قُرَيْشٌ بِأَجْمَعِهَا، فَقَالَتْ: مَا قِصَّتُكَ يَا أَبَا الْحَارِثِ؟
فَقَالَ: فُقِدَ ابْنِي مُحَمَّدٌ. فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: ارْكَبْ نَرْكَبْ مَعَكَ، فَإِنْ سَبَّقْتَ خَيْلًا سَبَّقْنَا مَعَكَ، وَإِنْ خُضْتَ بَحْرًا خُضْنَا مَعَكَ. قَالَ: فَرَكِبَ، وَرَكِبَتْ مَعَهُ قُرَيْشٌ، فَأَخَذَ عَلَى أَعْلَى مَكَّةَ، وَانْحَدَرَ عَلَى أَسْفَلِهَا. فَلَمَّا أَنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا تَرَكَ النَّاسَ وَاتَّشَحَ بِثَوْبٍ، وَارْتَدَى بِآخَرَ [ (344) ] ، وَأَقْبَلَ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَطَافَ أُسْبُوعًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يقول:
يَا رَبِّ إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُوجَدْ ... فَجَمِيعُ [ (345) ] قَوْمِي كُلُّهُمْ مُتَرَدِّدْ
فَسَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي مِنْ جَوِّ الْهَوَاءِ: مَعَاشِرَ الْقَوْمِ [ (346) ] ، لَا تَصِيِحُوا [ (347) ] ، فَإِنَّ لِمُحَمَّدٍ رَبًّا لَا يَخْذُلُهُ وَلَا يُضَيِّعُهُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ، مَنْ لَنَا بِهِ؟ قَالُوا [ (348) ] : بِوَادِي تِهَامَةَ عِنْدَ شَجَرَةِ الْيُمْنَى. فَأَقْبَلَ عَبْدُ
__________
[ (341) ] رسمت في (ص) : «بأعلا» .
[ (342) ] في (ص) : «يا نسيل» ، وفي (ح) : «يا سنيل» .
[ (343) ] الزيادة من (ح) .
[ (344) ] في (ح) : «بأخرى» .
[ (345) ] في (ص) : «فجمع قومي كلها مبدد.»
[ (346) ] في (ح) : «الناس» .
[ (347) ] في (ص) : «ولا تصنجوا» .
[ (348) ] في (ح) : «قال: قالوا.

الصفحة 144