كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

عَقِيقَةً بَعْدَ الْحَلْقِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ. يُرِيدُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَفْرِقُ شَعْرَهُ إِلَّا أَنْ يَفْتَرِقَ هُوَ، وَكَانَ هَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ فَرَقَ.
قُلْتُ: وَقَالَ غَيْرُ الْقُتَيْبِيِّ، فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى «عَقِيصَتُهُ» قَالَ:
الْعَقِيصَةُ: الشَّعْرُ [الْمَعْقُوصُ] . وَهُوَ [ (26) ] نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ.
قَالَ «الْقُتَيْبِيُّ» : وَقَوْلُهُ: «أَزْهَرُ اللَّوْنِ» يُرِيدُ أَبْيَضُ اللَّوْنِ مُشْرِقُهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الزَّهْرَةُ لِشِدَّةِ ضَوْئِهَا. فَأَمَّا الْأَبْيَضُ غَيْرُ الْمَشْرِقِ فَهُوَ الْأَمْهَقُ.
وَقَوْلُهُ: «أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ»
الزَّجَجُ: طُولُ الْحَاجِبَيْنِ وَدِقَّتُهُمَا وَسُبُوغُهُمَا إِلَى مُؤَخَّرِ الْعَيْنَيْنِ.
ثُمَّ وَصَفَ الْحَوَاجِبَ، فَقَالَ: «سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ» . وَالْقَرَنُ: أَنْ يَطُولَ الْحَاجِبَانِ حَتَّى يَلْتَقِي طَرَفَاهُمَا.
وَهَذَا خِلَافُ مَا وَصَفَتْهُ بِهِ أُمُّ مَعْبَدٍ، لِأَنَّهَا قَالَتْ فِي وَصْفِهِ: «أَزَجُّ أَقْرَنُ» وَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَمَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي هَالَةَ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَكْرَهُ الْقَرَنَ، وَتَسْتَحِبُّ الْبَلَجَ.
وَالْبَلَجُ: أَنْ يَنْقَطِعَ الْحَاجِبَانِ فَيَكُونَ مَا بَيْنَهُمَا نَقِيًّا.
وَقَوْلُهُ: «أَقْنَى الْعِرْنِينِ»
وَالْعِرْنِينُ: الْمَعْطِسُ وَهُوَ الْمَرْسِنُ. وَالْقَنَى فِيهِ:
طُولُهُ وَدِقَّةُ أَرْنَبَتِهِ وَحَدَبٌ فِي وَسَطِهِ.
وَقَوْلُهُ: «يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ»
فَالشَّمَمُ: ارْتِفَاعُ الْقَصَبَةِ وَحُسْنُهَا، وَاسْتِوَاءُ أَعْلَاهَا، وَإِشْرَافُ الْأَرْنَبَةِ قَلِيلًا. يَقُولُ: هُوَ لِحُسْنِ قَنَاءِ أَنْفِهِ وَاعْتِدَالِ ذَلِكَ يُحْسَبُ قبل التأمل أشمّ.
__________
[ (26) ] الزيادة من (هـ) .

الصفحة 293