كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

الشَّعْرِ حَسَنًا لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَلَا الْجَعْدِ الْقَطَطِ، كَانَ إذا مشطه بِالْمُشْطِ كَأَنَّهُ حُبُكُ الرَّمْلِ، أَوْ كَأَنَّهُ الْمُتُونُ [ (37) ] الَّتِي تَكُونُ فِي الْغُدُرِ إِذَا سَفَتْهَا الرِّيَاحُ، فَإِذَا مَكَثَ [ (38) ] لَمْ يُرَجَّلْ أَخَذَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَتَحَلَّقَ حَتَّى يَكُونَ مُتَحَلِّقًا كَالْخَوَاتِمِ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَدْ سَدَلَ نَاصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، كَمَا تُسْدَلُ نَوَاصِي الْخَيْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْفَرْقِ فَفَرَقَ.
كَانَ شَعْرُهُ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَ يَضْرِبُ شَعْرُهُ مَنْكِبَيْهِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ.
وَكَانَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رُبَّمَا جَعَلَهُ غَدَائِرَ أَرْبَعًا، يُخْرِجُ الْأُذُنُ الْيُمْنَى [ (39) ] مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا، وَيُخْرِجُ الْأُذُنَ الْيُسْرَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا، وَتَخْرُجُ الْأُذُنَانِ بِبَيَاضِهِمَا مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْغَدَائِرِ كَأَنَّهَا تَوَقُّدُ الْكَوَاكِبِ الدُّرِّيَّةِ مِنْ سَوَادِ شَعْرِهِ. وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي الرَّأْسِ فِي فَوْدَيْ رَأْسِهِ.
وَالْفُودَانِ: حَرْفَا الْفَرْقِ. وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي لِحْيَتِهِ فَوْقَ الذَّقْنِ. وَكَانَ شَيْبُهُ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الْفِضَّةِ يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ ظَهْرَيْ سواد الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ. وَإِذَا مَسَّ ذَلِكَ الشَّيْبَ الصُّفْرَةُ- وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ- صَارَ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الذَّهَبِ يتلألأ بين ظهري سواد الشَّعْرِ الَّذِي مَعَهُ.
وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا. وَأَنْوَرَهُمْ لَوْنًا. لَمْ يَصِفْهُ وَاصِفٌ قَطُّ بَلَغَتْنَا صِفَتُهُ. إِلَّا شَبَّهَ وَجْهَهُ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. وَلَقَدْ كَانَ يَقُولُ مَنْ كَانَ يَقُولُ مِنْهُمْ:
لَرُبَّمَا نَظَرْنَا إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَنَقُولُ: هُوَ أَحْسَنُ فِي أَعْيُنِنَا مِنَ الْقَمَرِ. أَزْهَرَ اللَّوْنِ: نَيِّرَ الْوَجْهِ. يَتَلَأْلَأُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ.
__________
[ (37) ] في (ص) : «المنثور» . وفي (ح) : «المبثون» .
[ (38) ] في (ص) : «فإذا مكث بالمرحل» وفي (هـ) : «فإذا نكتة في المرجل» .
[ (39) ] «اليمنى» ليست في (ص) .

الصفحة 300