كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبَهُ فِي سُرُورِهِ بِوَجْهِهِ، كَانَ إِذَا رَضِيَ أَوْ سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ الْمِرْآةُ، وَكَأَنَّمَا الْجُدُرُ تُلَاحِكُ [ (40) ] وَجْهَهُ. وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ.
قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: هُوَ، صلى الله عليه وسلم، كَمَا وَصَفَهُ صَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ الله عنه.
أَمِينٌ مُصْطَفًى [ (41) ] لِلْخَيْرِ يَدْعُو ... كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلَهُ [ (42) ] الظَّلَامُ
وَيَقُولُونَ: كَذَلِكَ كَانَ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى حِينَ يَقُولُ لِهَرِمِ بْنِ سِنَانٍ:
لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ ... كُنْتَ الْمُضِيءَ لِلَيْلَةِ الْبَدْرِ [ (43) ]
فَيَقُولُ عُمَرُ وَمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ غَيْرُهُ.
وَكَذَلِكَ قَالَتْ عَمَّتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، بَعْدَ مَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا فَجَزِعَتْ عَلَيْهِ بَنُو هَاشِمٍ فَانْبَعَثَتْ تقول:
عَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ ... عَلَى الْمُرْتَضَى كَالْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ
عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى ... وَلِلدِّينِ والدنيا بهيم المعالم
__________
[ (40) ] الملاحكة: «شدة الملاءمة» . لسان العرب صفحة (4010) ، وفي النهاية لابن الأثير (4:
239) : «أي يرى شخص الجدر في وجهه» .
[ (41) ] في (ص) : «المصطفى» .
[ (42) ] في (ص) : «أيّده» .
[ (43) ] ديوان زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى صفحة (95) .

الصفحة 301