كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي زُهْدِهِ فِي الدُّنْيَا وَصَبْرِهِ عَلَى الْقُوتِ الشَّدِيدِ فِيهَا، وَاخْتِيَارِهِ الدَّارَ الْآخِرَةَ، وَمَا أَعَدَّ اللهُ تَعَالَى لَهُ فِيهَا، عَلَى الدُّنْيَا
وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ رَبُّهُ. قَالَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى [ (1) ] .
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا نَبِيًّا، فَاسْتَشَارَ فِيهِ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَتَوَاضَعَ، فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ:
حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ [ (2) ] ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (131) من سورة طه.
[ (2) ] (الزُّبَيْدِيِّ) مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بن عامر الإمام الحافظ، الحجة، القاضي، أبو الهذيل الزّبيدي، الحمصي، قاضيها.
ولد في خلافة عبد الملك. وحدث عن نافع مولى ابن عمر، ومكحول، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وسعيد المقبريّ، وغيرهم، وحديث عنه الأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، وفرج بن فضالة، وبقية، وغيرهم.
كان اعلم اهل الشام بالفتوى والحديث، وكان ثقة من ثقات المسلمين، ومن نظراء الاوزاعي، في العلم، وقال أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالَ الأوزاعي: «لم يكن في أصحاب الزهري أثبت من

الصفحة 333