كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

ثُمَّ بَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَمْتَارُ لَهُ تَمْرًا مِنْ يَثْرِبَ، فَتُوُفِّيَ بِهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَوَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ [ (89) ] فِي حِجْرِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَاسْتَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَنَزَلَتْ بِهِ أُمُّهُ الَّتِي تُرْضِعُهُ سُوقَ عُكَاظَ، فَرَآهُ كَاهِنٌ مِنَ الْكُهَّانِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ عُكَاظَ، اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ، فَإِنَّ لَهُ مُلْكًا. فَزَاغَتْ [ (90) ] بِهِ أُمُّهُ الَّتِي تُرْضِعُهُ، فَأَنْجَاهُ اللهُ تَعَالَى.
ثُمَّ شَبَّ عِنْدَهَا حَتَّى إِذَا سَعَى وَأُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ تَحْضِنُهُ، جَاءَتْ أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ الَّتِي تُرْضِعُهُ، فَقَالَتْ: أَيْ أُمَّتَاهُ، إِنِّي رَأَيْتُ رَهْطًا أَخَذُوا أَخِي الْقُرَشِيَّ آنِفًا فَشَقُّوا بَطْنَهُ. فَقَامَتْ أُمُّهُ الَّتِي تُرْضِعُهُ فَزِعَةً حَتَّى تَأْتِيَهُ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ لَا تَرَى عِنْدَهُ أَحَدًا. فَارْتَحَلَتْ بِهِ [ (91) ] حَتَّى أَقْدَمَتْهُ [ (92) ] عَلَى أُمِّهِ، فَقَالَتْ لَهَا:
اقْبِضِي عَنِّي ابْنَكِ فَإِنِّي قَدْ خَشِيتُ عَلَيْهِ. فَقَالَتْ أُمُّهُ: لَا وَاللهِ، مَا بِابْنِي مِمَّا تَخَافِينَ [ (93) ] ، لَقَدْ رَأَيْتُ وَهُوَ فِي بَطْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ.
فَافْتَصَلَتْهُ أُمُّهُ وَجَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ، فَيَتِمَ فِي حِجْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَكَانَ وَهُوَ غُلَامٌ يَأْتِي وِسَادَةَ جَدِّهِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، فَيَخْرُجُ جَدُّهُ، وَقَدْ كَبِرَ، فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَقُودُ جَدَّهُ: انْزِلْ عَنْ وِسَادَةِ جَدِّكَ. فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: دَعُوا ابْنِي، فَإِنَّهُ يحسّ بخير.
__________
[ (89) ] في (ص) : «وكان» .
[ (90) ] في (ص) و (ح) : «فراغت» .
[ (91) ] سقطت من (هـ) .
[ (92) ] في (هـ) : «حتى إذا أقدمته» .
[ (93) ] في (هـ) : «ما تخافي» .

الصفحة 88