كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 1)

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَوَجَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَسْيَافًا مَعَ الْغَزَالَيْنِ [ (129) ] ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: لَنَا مَعَكَ فِي هَذَا يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ شِرْكٌ وَحَقٌّ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَلُمُّوا إِلَى أَمْرٍ نَصَفٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ: نَضْرِبُ عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ. فَقَالُوا: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟
قَالَ: اجْعَلُوا لِلْكَعْبَةِ قَدَحَيْنِ، وَلَكُمْ قَدَحَيْنِ، وَلِي قَدَحَيْنِ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ شَيْءٌ كَانَ لَهُ. فَقَالُوا لَهُ [ (130) ] : قَدْ أَنْصَفْتَ، وَقَدْ رَضِينَا. فَجَعَلَ قد حين أصفرين للكعبة، وقد حين أسودين لعبد المطلب [ (131) ] ، وقد حين أَبْيَضَيْنِ لِقُرَيْشٍ، ثُمَّ أَعْطَوْهَا الَّذِي يَضْرِبُ بِالْقِدَاحِ، وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ويقول:
لا همّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودْ ... رَبِّي وَأَنْتَ [ (132) ] الْمُبْدِئُ الْمُعِيدْ
وَمُمْسِكُ الرَّاسِيَةِ الْجُلْمُودْ ... مِنْ عِنْدِكَ الطَّارِفُ وَالتَّلِيدْ
إِنْ شِئْتَ أَلْهَمْتَ لِمَا تُرِيدْ ... لِمَوْضِعِ الْحِلْيَةِ وَالْحَدِيدْ
فَبَيِّنِ الْيَوْمَ لِمَا تُرِيدْ ... إِنِّي نَذَرْتُ عَاهِدَ [ (133) ] الْعُهُودْ
اجْعَلْهُ رَبِّ لِي وَلَا [ (134) ] أَعُودْ
وَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ، فَخَرَجَ الْأَصْفَرَانِ عَلَى الْغَزَالَيْنِ لِلْكَعْبَةِ، فَضَرَبَهُمَا، عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي بَابِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَا أَوَّلَ ذَهَبٍ حُلِّيَتْهُ. وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى السُّيُوفِ وَالْأَدْرَاعِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَخَذَهَا. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا اجْتَهَدُوا فِي الدُّعَاءِ سَجَعُوا، فَأَلَّفُوا الكلام،
__________
[ (129) ] الأسياف والغزالان، كان ساسان ملك الفرس أهداها للكعبة، وقيل سابور، وكانت الأوائل من ملوك الفرس تحجّها إلى ساسان أو سابور» . أ. هـ الروض الأنف (1: 97) .
[ (130) ] ليست في (هـ) .
[ (131) ] في (ح) : «له» .
[ (132) ] في (ح) : «فأنت» .
[ (133) ] في (ح) : «العاهد» ، وكذا في البداية والنهاية (2: 246) .
[ (134) ] في (ح) : «فلا» .

الصفحة 96